الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: إظهار الحق (نسخة منقحة)
.الوجه (الحادي عشر): صرح هورن في الصفحة 798 من المجلد الثاني هكذا: (إن أكهارن من العلماء الجرمنية الذين هم ليسوا بمعترفين بإلهام موسى) ثم قال في الصفحة 818: قال شَلْزودَاتهه ورَوْزن مُلَرودا كتر جدس: إنه ما كان إلهام لموسى، بل جمع الكتب الخمسة من الروايات المشهورة في ذلك العهد، وهذا الرأي هو المنتشر انتشارًا بليغًا الآن في علماء الجرمن وقال هو أيضًا: (إن يوسى بيس وكذا بعض المحققين الكبار أيضًا الذين كانوا بعده يقولون إنّ موسى كتب سِفْر الخليقة في الوقت الذي كان يرعى الشياه في مَدْين في بيت صهره) أقول: إذا كتب موسى سفر التكوين قبل النبوة فلا يكون هذا السفر عند هؤلاء المحققين العظام إلهاميًّا، بل يكون مجموعًا من الروايات المشهورة، لأنه إذا لم يكن كل تحرير النبي بعد نبوته إلهاميًّا كما اعترف به المحقق هورن وغيره على ما عرفت، فكيف يكون هذا التحرير الذي هو قبل النبوة إلهاميًّا؟ قال وارد كاثلك في الصفحة 38 من كتابه المطبوع سنة 1841: (قال لوطر في الصفحة 40 و41 من المجلد الثالث من كتابه لا نسمع من موسى ولا ننظر إليه لأنه كان لليهود فقط، ولا علاقة له بنا في شيء مّا، وقال في كتاب آخر نحن لا نسلم موسى ولا توراته لأنه عدو عيسى) ثم قال: (إنه أستاذ الجلادين، ثم قال لا علاقة للأحكام العشرة بالمسيحية)، ثم قال: (لنخرج هذه الأحكام العشرة ليزول كل بدعة حينئذ لأنها منابع البدعات بأسرها، وقال أسلى بيس تلميذُه هذه الأحكام العشرة لا تعلَّم في الكنائس، وخرجت فرقة أنتي نومينس من هذا الشخص: وكان عقيدتهم أن التوراة ليس بلائق أن يُعْتَقد أنه كلام اللّه، وكانوا يقولون: إن أحدًا لو كان زانيًا أو فاجرًا أو مرتكبًا ذنوبًا أخر فهو في سبيل النجاة ألبتة، وإن غرق في العصيان بل في قعره، وهو يؤمن فهو في سرور، والذين يصرفون أنفسهم في هذه الأحكام العشرة فعلاقتهم بالشيطان، صُلِب هؤلاء بموسى) فانظروا إلى أقوال إمام فرقة البروتستنت وتلميذه الرشيد كيف قالا في حق موسى عليه السلام وتوراته، فإذا كان موسى عدو عيسى عليهما السلام وأستاذ الجلادين، ولليهود فقط ولا يكون التوراة كلام اللّه، ولا يكون لموسى ولا لتوراته ولا للأحكام العشرة علاقة بالمسيحيين، وتكون هذه الأحكام قابلة الإخراج، ومنابع البدعات، ويكون الذين يتمسكون بها علاقتهم بالشيطان، فيلزم أن ينكر متبعو هذا الإمام التوراة وموسى عليه السلام، ويكون الشركُ وعبادة الأوثان وعدمُ تعظيم الأبوين وإيذاء الجار والسرقةُ والزنا والقتلُ والشهادة الزور من أركان الملة البروتستنتية، لأن خلاف هذه الأحكام العشرة التي هي منابع البدعات الأشياء المذكورة. قال البعض من هذه الفرقة لي أيضًا: إن موسى عندنا ما كان نبيًّا، بل كان عاقلًا مدونًا للقوانين، وقال البعض الآخر من هذه الفرقة: إن موسى عندنا كان سارقًا لصًّا، فقلت اتق اللّه، قال لِمَ؟ وأن عيسى عليه السلام قال: (جميع الذين أتوا قبلي هم سُراق ولصوص، ولكن الخراف لم تسمع لهم) كما هو مصرح في الآية الثامنة من الباب العاشر من إنجيل يوحنا، فأشار بقوله جميع الذين أتوا قبلي إلى موسى وغيره من الأنبياء الإسرائيلية، (أقول) لعل متمسك إمام هذه الفرقة المذكورة وتلميذه الرشيد في ذم موسى وتوراته يكون هذا القول..الوجه (الثاني عشر): قال إمام فرقة البروتستنت لوطر في حق رسالة يعقوب: (إنها كلام) يعني لا اعتداد بها، وأمر يعقوب الحواري في الباب الخامس من رسالته: (إذا مرض أحد بينكم فليدع شيوخ الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه) فاعترض عليه الإمام المذكور في المجلد الثاني من كتابه: (هذه الرسالة إن كانت ليعقوب أقول في الجواب إن الحواري ليس له أن يعين حكمًا شرعيًّا من جانب نفسه لأن هذا المنصب كان لعيسى عليه السلام فقط) فرسالة يعقوب عند الإمام المذكور ليست إلهامية، وكذا أحكام الحواريين ليست إلهامية، وإلا لا معنى لقوله: إن هذا المنصب كان لعيسى فقط، وقال وارد كاثلك في الصفحة 37 من كتابه المطبوع سنة 1841 قال بومرن الذي هو من العلماء العظام من فرقة البروتستنت وهو تلميذ لوطر إن يعقوب يتم رسالته في الواهيات، وينقل عن الكتب نقلًا لا يمكن أن يكون فيه روح القدس، فلا تعدّ هذه الرسالة في الكتب الإلهامية، وقال وائي تس تهيودورش البروتستنت، وكان واعظًا في (نرم برك): (إنا تركنا قصدًا مشاهدات يوحنا ورسالة يعقوب ليست قابلة للملامة في بعض المواضع التي تزيد الأعمال على الإيمان، بل توحد فيها المسائل والمطالب المتناقضة وقال مكيدي برجن سنتيورستس إن رسالة يعقوب تنفرد عن مسائل الحواريين، في موضع يقول إن النجاة ليست موقوفة على الإيمان فقط بل هي موقوفة على الأعمال أيضًا، وفي موضع يقول إن التوراة قانون الحرية) فعُلم أن هؤلاء الأعلام أيضًا لا يعتقدون إلهامية رسالة يعقوب كإمامهم..الوجه (الثالث عشر): قال كلي شيس: (إن مرقص ومتى يتخالفان في التحرير، وإذا اتفقا ترجح قولهما على قول لوقا) أقول: يعلم منه أمران: (الأول) أن متى ومرقس يوجد في تحريرهما في بعض المواضع اختلاف معنوي، لأن الاتفاق اللفظي لا يوجد في قصة من القصص (والثاني) أن هذه الأناجيل الثلاثة ليست إلهامية وإلا لا معنى لترجيح الأولين على الثالث..الوجه (الرابع عشر): المحقق بيلي صنف كتابًا في الإسناد، وهو من العلماء المعتبرين من فرقة البروتستنت وطبع هذا الكتاب سنة 1850 فقال في الصفحة 323 هكذا: الغلط الثاني الذي نسب إلى القدماء المسيحيين أنهم كانوا يرجون قرب القيامة، وأنا أقدم نظيرًا آخر قبل الاعتراض، وهو أن ربنا قال في حق يوحنا لبطرس: إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أجيء فما ذلك، ففهم هذا القول على خلاف المراد بأن يوحنا لا يموت، فذاع بين الأخوة، فانظروا لو كان هذا القول وصل إلينا بعد ما صار رأيًا عامًا، وفقد السبب الذي نشأ منه هذا الغلط واستعد أحدٌ اليوم لرد الملة العيسوية متمسكًا بهذا الغلط لكان هذا الأمر بلحاظ الشيء الذي وصل إلينا في غاية الاعتساف، والذين يقولون أنه يحصلُ الجزمُ من الإنجيل بأن الحوارين والقدماء المسيحية كانوا يرجون قيام القيامة في زمانهم، فلهم أن يتصوروا ما قلنا في هذا الغلط القديم القليل البقاء، وهذا الغلط منعهم عن كونهم خادعين، لكن يرد الآن سؤال وهو إنا إذا سلمنا أن رأي الحواريين كان قابلًا للسهو فكيف يعتمد على أمر منهم؟ ويكفي في جوابه من جانب حامي الملة المسيحية في مقابلة المنكرين هذا القدر أن شهادة الحواريين مطلوبة لي، ولا غرض لي عن رأيهم، وأن المطلب الأصلي مطلوب، ومن جانب النتيجة مأمون، لكنه لا بد أن يُلاحظ في هذا الجواب أمران أيضًا ليزول الخوف كله (الأول) أن يُميز المقصود الذي كان من إرسال الحواريين، وثبت من إظهارهم عن الشيء الذي هو أجنبي أو اختلط به اتفاقًا، ولا حاجة لنا أن نقول في الأشياء التي هي أجنبية من الدين صراحة، لكن يقال في الأشياء التي اختلطت بالمقصود اتفاقًا قولًا ما، ومن هذه الأشياء تسلط الجن، والذين يفهمون أن هذا الرأي الغلط كان عامًا في ذلك الزمان، فوقع مؤلفو الأناجيل واليهود الذين كانوا في ذلك الزمان، فلا بد أن يقبل هذا الأمر، ولا خوف منه في صدق الملة المسيحية لأن هذه المسألة ليست من المسائل التي جاء بها عيسى عليه السلام، بل اختلطت بالأقوال المسيحية اتفاقًا، بسبب كونها رأيًا عامًا في تلك المملكة، وذلك الزمان وإصلاح رأي الناس في تأثير الأرواح ليس جزءًا من الرسالة ولا علاقة له بالشهادة بوجه ما (والثاني) أن يميز بين مسائلهم ودلائلهم، فمسائلهم إلهامية لكنهم يوردون في أقوالهم لتوضيحها وتقويتها أدلة ومناسبات، مثلًا هذه المسألة مَنْ تنَصَّر مِن غير اليهود فلا يجب عليه إطاعة الشريعة الموسوية الإلهامية، وثبت تصديقها بالمعجزات، وبولس إذا ذكر هذا المطلب يذكر أشياء كثيرة في تأييده. فالمسألة واجبة التسليم، لكن لا ضرورة أن نصير حامين لصحة كل من أدلة الحواري، وتشبيهاته، لأجل حماية الملة المسيحية، وهذا القول يعتبر في موضع آخر أيضًا، وقد تحقق عندي هذا الأمر تحققًا قويًّا أن الربانيين إذا اتفقوا على أمر فالنتيجة التي تحصل من مقدماتهم واجبة التسليم، لكنه لا يجب علينا أن نشرح المقدمات كلها أو نقبلها إلا إذا اعترفوا بالمقدمات مثل اعتراف النتيجة. انتهى كلامه.أقول: أستفيد من كلامه أربع فوائد: (الأولى) أن الحواريين والقدماء المسيحية كانوا يعتقدون أن القيامة تقوم في عهدهم، وأن يوحنا لا يموت إلى قيامها. أقول هذا حق، إذ قد عرفت في القسم الثاني من الفصل الثالث في بيان الأغلاط أن أقوالهم صريحة في أن القيامة تقوم في عهدهم، وقال المفسر يارنس في شرح الباب الحادي والعشرين من إنجيل يوحنا هكذا: (نشأ هذا الغلط أن يوحنا لا يموت من ألفاظ عيسى التي كانت تفهم غلطًا بالسهولة، وتأكد هذا الأمر من أن يوحنا بقي في قيد الحياة بعد الحواريين أيضًا)، وقال جامعو تفسير هنري واسكات هكذا: (والغالب أن مراد المسيح بهذا القول الانتقام من اليهود، لكن الحواريين فهموا غلطًا أن يوحنا يبقى حيًّا إلى القيامة، وإن بناء الإيمان عليها حمق، لأن هذه الرواية كانت رواية الحواريين، وكانت عامة بين الإخوة وكانت أوليّة ومنتشرة ورائجة، ومع ذلك كانت كاذبة، فالآن الاعتماد على الروايات الغير المكتوبة على أية درجة من القلة وهذا التفسير كان روايتنا، وما كان قولًا جديدًا من أقوال عيسى ومع ذلك كان غلطًا) ثم قال في الحاشية: (إن الحواريين فهموا الألفاظ غلطًا كما صرح الإنجيلي لأنهم كانوا يتخيلون أن مجيء الرب يكون للعدل فقط) فعلى تقرير هؤلاء المفسرين لا شبهة أنهم فهموا غلطًا، وإذا كان اعتقادهم في مجيء القيامة كاعتقادهم أن يوحنا لا يموت إلى القيامة فتكون أقوالهم التي تُشعر بمجيء القيامة في عهدهم محمولةً على ظاهرها وغلطًا، والتأويل فيها يكون مذمومًا يقينًا وتوجيهًا للقول بما لا يرضي قائله، وإذا كانت غلطًا لا تكون إلهامية (الفائدة الثانية) سلم بيلي أن المعاملات التي هي أجنبية من الدين أو اختلطت بالأمر الديني اتفاقًا لا يلزم من وقوع الغلط فيها نُقصان ما في الملة المسيحية.(الفائدة الثالثة) أنه سلم أنه لا نقصان في وقوع الغلط في أدلة الحواريين وتشبيهاتهم (الفائدة الرابعة) أن سلم أن تأثير الأرواح الخبيثة ليس وقعيًا، بل أمر وهمي غلط في الواقع، وهذا الغلط يوجد في كلام الحواريين وكلام عيسى لسبب أنه كان رأيًا عامًا في تلك المملكة وذلك الزمان، أقول بعد تسليم الأمور الأربعة يخرج أزيد من نصف الإنجيل أن يكون إلهاميًّا. وبقيت الأحكام والمسائل على رأيه إلهامية، وهذا الرأي لما كان مخالفًا لرأي إمامه أعني جناب لوطر لا يُعتد به أيضًا، لأن جنابه يدعي أن الحواري ليس له أن يعين حكمًا شرعيًّا من أجل نفسه، لأن هذا المنصب كان لعيسى فقط فلا تكون مسائل الحواريين وأحكامهم إلهامية أيضًا.
|