الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقيل: هي لترتيب النهي على ما سبق من الأمر بالطاعة.{وتدعوا إلى السلم}: عطف على تهنوا داخل في حيز النهي.وجوز أن يكون منصوبا بإضمار أن فيعطف المصدر المسبوك على مصدر متصيد مما قبله.
أي: قارب أن يزيد.قال ثعلب: ولم يقل في أولى أحسن مما قاله الأصمعي.وقال المبرد: يقال لمن همّ بالغضب ثم أفلت: أولى لك. أي: قاربت الغضب.وقال الجرجاني: هو مأخوذ من الويل. أي: فويل لهم. وكذا قال في الكشاف. قال قتادة أيضًا: كأنه قال العقاب أولى لهم. وقوله: {طَاعَةٌ وَقول مَّعْرُوفٌ} كلام مستأنف. أي: أمرهم طاعة. أوطاعة وقول معروف خير لكم.قال الخليل. وسيبويه: إن التقدير: طاعة وقول معروف أحسن. وأمثل لكم من غيرهما.وقيل: إن طاعة خبر أولى. وقيل: إن {طاعة} صفة لـ: {سورة}. وقيل: إن {لهم} خبر مقدّم. و{طاعة} مبتدأ مؤخر. والأول أولى {فَإِذَا عَزَمَ الأمر} عزم الأمر: جدّ الأمر. أي: جدّ القتال ووجب وفرض. وأسند العزم إلى الأمر. وهو لأصحابه مجازًا. وجواب (إذا) قيل: هو: {فلو صدقوا الله} في إظهار الإيمان والطاعة {لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ} من المعصية والمخالفة {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوليْتُم أَن تُفْسِدُواْ في الأرض وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ} هذا خطاب للذين في قلوبهم مرض بطريق الالتفات لمزيد التوبيخ والتقريع.قال الكلبي: أي: فهل عسيتم إن توليتم أمر الأمة أن تفسدوا في الأرض بالظلم.وقال كعب: {أَن تُفْسِدُواْ في الأرض} أي: بقتل بعضكم بعضًا. وقال قتادة: إن توليتم عن طاعة كتاب الله عزّ وجلّ أن تفسدوا في الأرض بسفك الدماء. وتقطعوا أرحامكم.وقال ابن جريج: إن توليتم عن الطاعة. وقيل: أعرضتم عن القتال. وفارقتم أحكامه.قرأ الجمهور {تو ليتم} مبنيًا للفاعل. وقرأ عليّ بن أبي طالب بضم التاء والواو وكسر اللام مبنيًا للمفعول. وبها قرأ ابن أبي إسحاق. وورش عن يعقوب. ومعناها: فهل عسيتم إن ولي عليكم ولاة جائرين أن تخرجوا عليهم في الفتنة. وتحاربوهم وتقطعوا أرحامكم بالبغي. والظلم. والقتل.وقرأ الجمهور {وتقطعوا} بالتشديد على التكثير. وقرأ أبو عمرو في رواية عنه. وسلام. وعيسى. ويعقوب بالتخفيف من القطع. يقال: عسيت أن أفعل كذا. وعسيت بالفتح والكسر لغتان. ذكره الجوهري وغيره. وخبر {عسيتم} هو {أَن تُفْسِدُواْ}. والجملة الشرطية بينهما اعتراض.والإشارة بقوله: {أولئك} إلى المخاطبين بما تقدّم وهو مبتدأ. وخبره: {الذين لَعَنَهُمُ الله} أي: أبعدهم من رحمته. وطردهم عنها {فَأَصَمَّهُمْ} عن استماع الحق {وأعمى أبصارهم} عن مشاهدة ما يستدلون به على التوحيد والبعث. وحقية سائر ما دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. والاستفهام في قوله: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرءان} للأنكار؛ والمعنى: أفلا يتفهمونه. فيعلمون بما اشتمل عليه من المواعظ الزاجرة. والحجج الظاهرة. والبراهين القاطعة التي تكفي من له فهم وعقل. وتزجره عن الكفر بالله. والإشراك به. والعمل بمعاصيه {أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} أم هي المنقطعة. أي: بل أعلى قلوب أقفالها فهم لا يفهمون ولا يعقلون قال مقاتل: يعني الطبع على القلوب والأقفال استعارة لأنغلاق القلب عن معرفة الحق. وإضافة الأقفال إلى القلوب؛ للتنبيه على أن المراد بها: ما هو للقلوب بمنزلة الأقفال للأبواب. ومعنى الآية: أنه لا يدخل في قلوبهم الإيمان. ولا يخرج منها الكفر والشرك. لأن الله سبحانه قد طبع عليها. والمراد بهذه القلوب: قلوب هؤلاء المخاطبين.قرأ الجمهور: {أقفالها} بالجمع. وقرىء {إقفالها} بكسر الهمزة على أنه مصدر كالإقبال.{إِنَّ الذين ارتدوا على أدبارهم} أي: رجعوا كفارًا كما كانوا.قال قتادة: هم كفار أهل الكتاب كفروا بالنبيّ صلى الله عليه وسلم بعد ما عرفوا نعته عندهم. وبه قال ابن جرير.وقال الضحاك. والسديّ: هم المنافقون قعدوا عن القتال. وهذا أولى؛ لأن السياق في المنافقين: {مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى} بما جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من المعجزات الظاهرة. والدلائل الواضحة {الشيطان سول لَهُمْ} أي: زيّن لهم خطاياهم. وسهل لهم الوقوع فيها. وهذه الجملة خبر (إن). ومعنى {وأملى لَهُمْ}: أن الشيطان مدّ لهم في الأمل. ووعدهم طو ل العمر. وقيل: إن الذي أملى لهم هو الله عزّ وجلّ على معنى: أنه لم يعاجلهم بالعقوبة.قرأ الجمهور {أملى} مبنيًا للفاعل. وقرأ أبو عمرو. وابن أبي إسحاق. وعيسى بن عمر. وأبو جعفر. وشيبة على البناء للمفعول.قيل: وعلى هذه القراءة يكون الفاعل هو الله. أو الشيطان كالقراءة الأولى. وقد اختار القول بأن الفاعل الله الفرّاء. والمفضل. والأولى اختيار أنه الشيطان لتقدّم ذكره قريبًا.والإشارة بقوله: {ذلك} إلى ما تقدّم من ارتدادهم. وهو مبتدأ. وخبره {بِأَنَّهُمْ قالواْ لِلَّذِينَ كَرِهواْ مَا نَزَّلَ الله} أي: بسبب أن هؤلاء المنافقين الذين ارتدّوا على أدبارهم قالوا للذين كرهوا: ما نزل الله. وهم المشركون {سَنُطِيعُكُمْ في بَعْضِ الأمر} وهذا البعض هو عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومخالفة ما جاء به.وقيل: المعنى: إن المنافقين قالوا لليهود: سنطيعكم في بعض الأمر. وقيل: إن القائلين اليهود. والذين كرهوا ما أنزل الله من المنافقين. وقيل: إن الإشارة بقوله: {ذلك} إلى الإملاء. وقيل: إلى التسويل. والأول أولى.ويؤيد كون القائلين: المنافقين. والكارهين: اليهود قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين نَافَقُواْ يَقولونَ لإِخْوَانِهِمُ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ ولا نُطِيعُ فيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ} [الحشر: 11] ولما كان قولهم المذكور للذين كرهوا ما أنزل الله بطريقة السرّ بينهم.قال الله سبحانه: {والله يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} قرأ الجمهور بفتح الهمزة جمع سرّ. واختار هذه القراءة أبو عبيد. وأبو حاتم.وقرأ الكوفيون. وحمزة. والكسائي. وحفص عن عاصم. وابن وثاب. والأعمش بكسر الهمزة على المصدر. أي: إخفاءهم.{فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الملائكة} الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها. و{كيف} في محل رفع على أنها خبر مقدّم. والتقدير: فكيف علمه بأسرارهم إذا توفتهم الملائكة. أو في محل نصب بفعل محذوف. أي: فكيف يصنعون؟ أو خبر لكان مقدّرة. أي: فكيف يكونون.
|