الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.القراءات والوقوف: .القراءات: .الوقوف: .من أقوال المفسرين: .قال الفخر: الأول: قال القاضي رحمه الله: إنه تعالى لما أجمل في قوله: {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} فصل بعد ذلك في هذه الآية تلك الأضعاف، وإنما ذكر بين الآيتين الأدلة على قدرته بالإحياء والإماتة من حيث لولا ذلك لم يحسن التكليف بالإنفاق، لأنه لولا وجود الإله المثيب المعاقب، لكان الإنفاق في سائر الطاعات عبثًا، فكأنه تعالى قال لمن رغبه في الإنفاق قد عرفت أني خلقتك وأكملت نعمتي عليك بالإحياء والأقدار وقد علمت قدرتي على المجازاة والإثابة، فليكن علمك بهذه الأحوال داعيًا إلى إنفاق المال، فإنه يجازي القليل بالكثير، ثم ضرب لذلك الكثير مثلًا، وهو أن من بذر حبة أخرجت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، فصارت الواحدة سبعمائة. الوجه الثاني: في بيان النظم ما ذكره الأصم، وهو أنه تعالى ضرب هذا المثل بعد أن احتج على الكل بما يوجب تصديق النبي صلى الله عليه وسلم ليرغبوا في المجاهدة بالنفس والمال في نصرته وإعلاء شريعته. والوجه الثالث: لما بين تعالى أنه ولي المؤمنين، وأن الكفار أولياؤهم الطاغوت بين مثل ما ينفق المؤمن في سبيل الله وما ينفق الكافر في سبيل الطاغوت. اهـ. .قال القرطبي: روى البستِيّ في صحيح مسنده عن ابن عمر قال: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رب زِد أُمّتي» فنزلت {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رب زد أُمتي» فنزلت {إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وهذه الآية لفظها بيان مثال لشرف النفقة في سبيل الله ولحسنها، وضمنها التحريض على ذلك. اهـ. .قال الفخر: .قال القرطبي: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت». وقال عثمان: يا رسول الله عليّ جهاز من لا جهاز له؛ فنزلت هذه الآية فيهما وقيل: نزلت في نفقة التطوّع. وقيل: نزلت قبل آية الزكاة ثم نُسخت بآية الزكاة، ولا حاجة إلى دعوى النسخ؛ لأن الإنفاق في سبيل الله مندوب إليه في كل وقت. وسُبُل الله كثيرة أعظمها الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا. اهـ. .قال الفخر: .قال أبو حيان: كمثل حبة وزارعها. وقد تقدم الكلام في تقرير هذا الوجه في قصة الكافر والناعق، فيطالع هناك. وهذا المثل يتضمن التحريض على الإنفاق في سبيل الله جميع ما هو طاعة، وعائد نفعه على المسلمين، وأعظمها وأعناها الجهاد لإعلاء كلمة الله وقيل: المراد: بسبيل الله، هنا الجهاد خاصة، وظاهر الإنفاق في سبيل الله يقتضي الفرض والنفل، ويقتضي الإنفاق على نفسه في الجهاد وغيره، والإنفاق على غيره ليتقوى به على طاعة من جهاد أو غيره. وشبه الإنفاق بالزرع، لأن الزرع لا ينقطع. اهـ. وقال أبو حيان: وفي تمثيل النفقة بالحبة المذكورة إشارة أيضًا إلى البعث، وعظيم القدرة، إذ حبة واحدة يخرج الله منها سبعائة حبة، فمن كان قادرًا على مثل هذا الأمر العجاب، فهو قادر على إحياء الموات، ويجامع ما اشتركا فيه من التغذية والنمو. اهـ. .قال البقاعي: .قال الفخر: ثم قال: {والله سَمِيعٌ} أي واسع القدرة على المجازاة على الجود والإفضال عليهم، بمقادير الانفاقات، وكيفية ما يستحق عليها، ومتى كان الأمر كذلك لم يصر عمل العامل ضائعًا عند الله تعالى. اهـ. .قال القرطبي: وقالت طائفة من العلماء: بل هو إعلام بأن الله تعالى يضاعف لمن يشاء أكثر من سبعمائة ضعف. قلت: وهذا القول أصحُّ لحديث ابن عمر المذكور أوّل الآية. وروى ابن ماجة حدّثنا هارون بن عبد الله الحمال حدّثنا ابن أبي فُديك عن الخليل بن عبد الله عن الحسن عن عليّ بن أبي طالب وأبي الدرداء وعبد الله بن عمر وأبي أُمامة الباهليّ وعبد الله بن عمرو وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين كلهم يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أرسل بنفقة في سبيل الله وأقام في بيته فله بكل درهم سبعمائة درهم ومن غزا بنفسه في سبيل الله وأنفق في وجهه فله بكل درهم سبعمائة ألف درهم ثم تلا هذه الآية والله يضاعف لمن يشاء الله» وقد روي عن ابن عباس أن التضعيف ينتهي لمن شاء الله إلى ألفي ألف. قال ابن عطية: وليس هذا بثابت الإسناد عنه. اهـ. وقال القرطبي: في هذه الآية دليل على أن اتخاذ الزرع من أعلى الحِرف التي يتخذها الناس والمكاسب التي يشتغل بها العمال؛ ولذلك ضرب الله به المثل فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ} الآية. وفي صحيح مسلم عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلاَّ كان له صدقة» وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التمسوا الرزق في خبايا الأرض» يعني الزرع، أخرجه الترمذيّ. وقال صلى الله عليه وسلم في النخل: «هي الراسخات في الوَحَل المُطْعِمات في المَحْل» وهذا خرج مخرج المدح. والزراعة من فروض الكفاية فيجب على الإمام أن يجبر الناس عليها وما كان في معناها من غرس الأشجار. ولقِي عبد الله بن عبد الملك بن شهاب الزُّهْريّ فقال: دُلّني على مالٍ أعالجه؛ فأنشأ ابن شهاب يقول: وحُكي عن المعتضد أنه قال: رأيت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام يُناولني مِسْحاة وقال: خذها فإنها مفاتيح خزائن الأرض. اهـ.
|