الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
.تفسير الآية رقم (4): {قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4)}فإن قلت: هلا قيل: يعلم السر لقوله: {وَأَسَرُّواْ النجوى} [الأنبياء: 3] قلت: القول عام يشمل السرّ والجهر؟ فكان في العلم به العلم بالسرّ وزيادة، فكان آكد في بيان الاطلاع على نجواهم من أن يقول: يعلم السرّ، كما أنّ قوله: يعلم السرّ، آكد من أن يقول: يعلم سرهم. ثم بين ذلك بأنه السميع العليم لذاته فكيف تخفى عليه خافية.فإن قلت: فلم ترك هذا الآكد في سورة الفرقان في قوله: {قُلْ أَنزَلَهُ الذى يَعْلَمُ السر فِي السماوات والارض} [الفرقان: 6]؟ قلت: ليس بواجب أن يجيء بالآكد في كل موضع. ولكن يجيء بالوكيد تارة وبالآكد أخرى، كما يجيء بالحسن في موضع وبالأحسن في غيره ليفتنّ الكلام افتناناً، وتجمع الغاية وما دونها، على أن أسلوب تلك الآية خلاف أسلوب هذه، من قبل أنه قدم هاهنا أنهم أسروا النجوى. فكأنه أراد أن يقول: إن ربي يعلم ما أسروه، فوضع القول موضع ذلك للمبالغة، وثم قصد وصف ذاته بأن أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض، فهو كقوله علام الغيوب {عالم الغيب لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} [سبأ: 3] وقرئ {قَالَ رَبّى} حكاية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم..تفسير الآية رقم (5): {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5)}أضربوا عن قولهم هو سحر إلى أنه تخاليط أحلام، ثم إلى أنه كلام مفترى من عنده، ثم إلى أنه قول شاعر، وهكذا الباطل لجلج، والمبطل متحير رجاع غير ثابت على قول واحد. ويجوز أن يكون تنزيلاً من الله تعالى لأقوالهم في درج الفساد: وأن قولهم الثاني أفسد من الأول، والثالث أفسد من الثاني، وكذلك الرابع من الثالث، صحة التشبيه في قوله: {كَمَا أُرْسِلَ الأولون} من حيث أنه في معنى: كما أتى الأوّلون بالآيات، لأنّ إرسال الرسل متضمن للإتيان بالآيات ألا ترى أنه لا فرق بين أن تقول: أرسل محمد صلى الله عليه وسلم، وبين قولك: أتى محمد بالمعجزة..تفسير الآية رقم (6): {مَا آَمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6)}{أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ} فيه أنهم أعتى من الذين اقترحوا على أنبيائهم الآيات وعاهدوا أنهم يؤمنون عندها، فلما جاءتهم نكثوا وخالفوا، فأهلكهم الله. فلو أعطيناهم ما يقترحون لكانوا أنكث وأنكث..تفسير الآية رقم (7): {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)}أمرهم أن يستعلموا أهل الذكر وهم أهل الكتاب، حتى يعلموهم أن رسل الله الموحى إليهم كانوا بشراً ولم يكونوا ملائكة كما اعتقدوا، وإنما أحالهم على أولئك لأنهم كانوا يشايعون المشركين في معاداة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً} [آل عمران: 186] فلا يكاذبونهم فيما هم فيه ردء لرسول الله صلى الله عليه وسلم..تفسير الآية رقم (8): {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8)}{لاَّ يَأْكُلُونَ الطعام} صفة لجسداً والمعنى: وما جعلنا الأنبياء عليهم السلام قبله ذوي جسد غير طاعمين. ووحد الجسد لإرادة الجنس، كأنه قال: ذوي ضرب من الأجساد وهذا ردّ لقولهم {مَا لهذا الرسول يَأْكُلُ الطعام} [الفرقان: 7].فإن قلت: نعم قد ردّ إنكارهم أن يكون الرسول بشراً يأكل ويشرب بما ذكرت، فماذا ردّ من قولهم بقوله: {وَمَا كَانُواْ خالدين}؟ قلت: يحتمل أن يقولوا إنه بشر مثلنا يعيش كما نعيش ويموت كما نموت. أو يقولوا هلا كان ملكاً لا يطعم ويخلد: إما معتقدين أن الملائكة لا يموتون. أو مسمين حياتهم المتطاولة وبقاءهم الممتدّ خلوداً..تفسير الآية رقم (9): {ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9)}{صدقناهم الوعد} مثل واختار موسى قومه. والأصل في الوعد: ومن قومه. ومنه: صدقوهم القتال. وصدقني سنّ بكره {وَمَن نَّشَاء} هم المؤمنون ومن في بقائه مصلحة..تفسير الآية رقم (10): {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10)}{ذِكْرُكُمْ} شرفكم وصيتكم، كما قال: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44] أو موعظتكم. أو فيه مكارم الأخلاق التي كنتم تطلبون بها الثناء أو حسن الذكر كحسن الجوار، والوفاء بالعهد، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، والسخاء؛ وما أشبه ذلك..تفسير الآيات (11- 15): {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)}{وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ} واردة عن غضب شديد ومنادية على سخط عظيم؛ لأنّ القصم أفظع الكسر وهو الكسر الذي يبين تلاؤم الأجزاء، بخلاف الفصم. وأراد بالقرية: أهلها، ولذلك وصفها بالظلم، وقال: {قَوْماً ءاخَرِينَ} لأن المعنى: أهلكنا قوماً وأنشأنا قوماً آخرين.وعن ابن عباس: أنها (حضور) وهي و (سحول) قريتان باليمن، تنسب إليهما الثياب. وفي الحديث: «كُفنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في ثوبَيْنِ سحوليَيْن» وروي (حضورَيْين). بعث الله إليهم نبياً فقتلوه، فسلط الله عليهم بختنصر كما سلطه على أهل بيت المقدس فاستأصلهم.وروي: أنهم لما أخذتهم السيوف ونادى مناد من السماء يا لثارات الأنبياء ندموا واعترفوا بالخطأ. وذلك حين لم ينفعهم الندم. وظاهر الآية على الكثرة. ولعل ابن عباس ذكر (حضور) بأنها إحدى القرى التي أرادها الله بهذه الآية. فلما علموا شدّة عذابنا وبطشتنا علم حس ومشاهدة، لم يشكوا فيها، ركضوا من ديارهم، والركض: ضرب الدابة بالرجل. ومنه قوله تعالى: {اركض بِرِجْلِكَ} [ص: 42] فيجوز أن يركبوا دوابهم يركضونها هاربين منهزمين من قريتهم لما أدركتهم مقدمة العذاب. ويجوز أن يشبهوا في سرعة عدوهم على أرجلهم بالراكبين الراكضين لدوابهم، فقيل لهم، {لاَ تَرْكُضُواْ} والقول محذوف.فإن قلت: من القائل؟ قلت يحتمل أن يكون بعض الملائكة أو من ثم من المؤمنين أو يجعلوا خلقاء بأن يقال لهم ذلك وإن لم يقل. أو يقوله رب العزة ويسمعه ملائكته لينفعهم في دينهم. أو يلهمهم ذلك فيحدثوا به نفوسهم {وارجعوا إلى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ} من العيش الرافه والحال الناعمة. والإتراف: إبطار النعمة وهي الترفة {لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} تهكم بهم وتوبيخ، أي: ارجعوا إلى نعيمكم ومساكنكم لعلكم تسئلون غداً عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم، فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة. أو ارجعوا واجلسوا كما كنتم في مجالسكم. وترتبوا في مراتبكم حتى يسألكم عبيدكم وحشمكم ومن تملكون أمره وينفذ فيه أمركم ونهيكم ويقول لكم: بم تأمرون؟ وبماذا ترسمون؟ وكيف نأتي ونذر كعادة المنعمين المخدَّمين؟ أو يسألكم الناس في أنديتكم المعاون في نوازل الخطوب، ويستشيرونكم في المهمات والعوارض ويستشفون بتدابيركم، ويستضيئون بآرائكم أو يسألكم الوافدون عليكم والطماع ويستمطرون سحائب أكفكم، ويمترون أخلاف معروفكم وأياديكم: إما لأنهم كانوا أسخياء ينفقون أموالهم رئاء الناس وطلب الثناء. أو كانوا بخلاء فقيل لهم ذلك تهكماً إلى تهكم، وتوبيخاً إلى توبيخ {تِلْكَ} إشارة إلى يا ولينا، لأنها دعوى، كأنه قيل: فما زالت تلك الدعوى {دَعْوَاهُمْ} والدعوى بمعنى الدعوة. قال تعالى: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} [يونس: 10].فإن قلت: لم سميت دعوى؟ قلت: لأن المولول كأنه يدعو الويل، فيقول تعالى: يا ويل فهذا وقتك. و{تِلْكَ} مرفوع أو منصوب اسماً أو خبراً وكذلك دعواهم. {حصيداً} الحصيد: الزرع المحصود. أي: جعلناهم مثل الحصيد، شبههم به في استئصالهم واصطلامهم كما تقول: جعلناهم رماداً، أي مثل الرماد. والضمير المنصوب هو الذي كان مبتدأ والمنصوبان بعده كانا خبرين له، فلما دخل عليها جعل نصبها جميعاً على المفعولية. فإن قلت كيف ينصب (جعل) ثلاثة مفاعيل؟ قلت: حكم الاثنين الآخرين حكم الواحد؛ لأنّ معنى قولك (جعلته حلواً حامضاً) جعلته جامعاً للطعمين. وكذلك معنى ذلك: جعلناهم جامعين لمماثلة الحصيد والخمود..تفسير الآيات (16- 17): {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17)}أي: وما سوّينا هذا السقف المرفوع وهذا المهاد الموضوع وما بينهما من أصناف الخلائق مشحونة بضروب البدائع والعجائب، كما تسوّي الجبابرة سقوفهم وفرشهم وسائر زخارفهم، للهو واللعب، وإنما سويناها للفوائد الدينية والحكم الربانية، لتكون مطارح افتكار واعتبار واستدلال ونظر لعبادنا، مع ما يتعلق لهم بها من المنافع التي لا تعدّ والمرافق التي لا تحصى. ثم بين أنّ السبب في ترك اتخاذ اللهو واللعب وانتفائه عن أفعالي: هو أن الحكمة صارفة عنه، وإلا فأنا قادر على اتخاذه إن كنت فاعلاً لأني على كل شيء قدير. وقوله: {لاتخذناه مِن لَّدُنَّا}، كقوله: {رّزْقاً مّن لَّدُنَّا} [القصص: 57] أي من جهة قدرتنا وقيل: اللهو الولد بلغة اليمن.وقيل المرأة.وقيل من لدنا، أي من الملائكة لا من الإنس، ردّاً لولادة المسيح وعزير..تفسير الآية رقم (18): {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)}{بَلْ} إضراب عن اتخاذ اللهو واللعب، وتنزيه منه لذاته، كأنه قال: سبحاننا أن نتخذ اللهو واللعب، بل من عادتنا وموجب حكمتنا واستغنائنا عن القبيح أن نغلب اللعب بالجد، وندحض الباطل بالحق. واستعار لذلك القذف والدمغ، تصويراً لإبطاله وإهداره ومحقه فجعله كأنه جرم صلب كالصخرة مثلاً، قذف به على جرم رخو أجوف فدمغه، ثم قال: {وَلَكُمُ الويل مِمَّا تَصِفُونَ} ه به مما لا يجوز عليه وعلى حكمته. وقرئ: {فيدمغه} بالنصب، وهو في ضعف قوله:.تفسير الآيات (19- 20): {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)}{وَمَنْ عِندَهُ} هم الملائكة. والمراد أنهم مكرمون، منزلون- لكرامتهم عليه- منزلة المقرّبين عند الملوك على طريق التمثيل والبيان لشرفهم وفضلهم على جميع خلقه.فإن قلت: الاستحسار مبالغة في الحسور، فكان الأبلغ في وصفهم أن ينفي عنهم أدنى الحسور.قلت: في الاستحسار بيان أنّ ما هم فيه يوجب غاية لحسور وأقصاه، وأنهم أحقاء لتلك العبادات الباهظة بأن يستحسروا فيما يفعلون. [{يُسَبِّحُونَ اليل والنهار لا يَفْتُرُونَ}] أي: تسبيحهم متصل دائم في جميع أوقاتهم، لا يتخلله فترة بفراغ أو شغل آخر..تفسير الآية رقم (21): {أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21)}هذه أم المنقطة الكائنة بمعنى بل والهمزة، قد آذنت بالإضراب عما قبلها والإنكار لما بعدها، والمنكر: هو اتخاذهم {ءَالِهَةً مّنَ الأرض هُمْ يُنشِرُونَ} الموتى، ولعمري أن من أعظم المنكرات أن ينشر الموتى بعض الموات.فإن قلت: كيف أنكر عليهم اتخاذ آلهة تنشر وما كانوا يدعون ذلك لآلهتهم؟ وكيف وهم أبعد شيء عن هذه الدعوى وذلك أنهم كانوا- مع إقرارهم لله عزّ وجل بأنه خالق السموات والأرض {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله} [لقمان: 25] وبأنه القادر على المقدورات كلها وعلى النشأة الأولى- منكرين البعث ويقولون: من يحيى العظام وهي رميم، وكان عندهم من قبيل المحال الخارج عن قدرة القادر كثاني القديم، فكيف يدّعونه للجماد الذي لا يوصف بالقدرة رأساً؟ قلت: الأمر كما ذكرت، ولكنهم بادّعائهم لها الإلهية، يلزمهم أن يدّعوا لها الإنشار، لأنه لا يستحق هذا الاسم إلا القادر على كل مقدور، والإنشار من جملة المقدورات. وفيه باب من التهكم بهم والتوبيخ والتجهيل، وإشعار بأنّ ما استبعدوه من الله لا يصح استبعاده؛ لأنّ الإلهية لما صحت صحّ معها الاقتدار على الإبداء والإعادة. ونحو قوله: {مِّنَ الأرض} قولك: فلان من مكة أو من المدينة، تريد: مكي أو مدني. ومعنى نسبتها إلى الأرض: الإيذان بأنها الأصنام التي تعبد في الأرض: لأنّ الآلهة على ضربين: أرضية وسماوية. ومن ذلك حديث الأمة التي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين ربك»؟ فأشارت إلى السماء، فقال: «إنها مؤمنة» لأنه فهم منها أنّ مرادها نفي الآلهة الأرضية التي هي الأصنام، لا إثبات السماء مكاناً لله عزّ وجلَ. ويجوز أن يراد آلهة من جنس الأرض؛ لأنها إمّا أن تنحت من بعض الحجارة، أو تعمل من بعض جواهر الأرض.فإن قلت: لابد من نكتة في قوله: {هُمْ} قلت: النكتة فيه إفادة معنى الخصوصية، كأنه قيل: أم اتخذوا آلهة لا يقدر على الإنشار إلا هم وحدهم.وقرأ الحسن {يُنشِرُونَ} وهما لغتان: أنشر الله الموتى، ونشرها. [(لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون)] وصفت آلهة بالإ كما توصف بغير، لو قيل آلهة غير الله.
|