الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **
الأصل في التحريم بالرضاع الكتاب والسنة والإجماع وأما الكتاب فقول الله تعالى: مسألة: قال أبو القاسم, -رحمه الله-: [والرضاع الذي لا يشك في تحريمه أن يكون خمس رضعات فصاعدا] في هذه المسألة: مسألتان: المسألة: الأولى أن الذي يتعلق به التحريم خمس رضعات فصاعدا هذا الصحيح في المذهب وروى هذا عن عائشة, وابن مسعود وابن الزبير وعطاء, وطاوس وهو قول الشافعي وعن أحمد رواية ثانية أن قليل الرضاع وكثيره يحرم وروي ذلك عن علي وابن عباس وبه قال سعيد بن المسيب, والحسن ومكحول والزهري, وقتادة والحكم وحماد, ومالك والأوزاعي والثوري, والليث وأصحاب الرأي وزعم الليث أن المسلمين أجمعوا على أن قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد ما يفطر به الصائم واحتجوا بقول الله تعالى: وإذا وقع الشك في وجود الرضاع, أو في عدد الرضاع المحرم هل كملا أو لا؟ لم يثبت التحريم لأن الأصل عدمه فلا نزول عن اليقين بالشك, كما لو شك في وجود الطلاق وعدده. المسألة الثانية: أن تكون الرضعات متفرقات وبهذا قال الشافعي والمرجع في معرفة الرضعة إلى العرف لأن الشرع ورد بها مطلقا ولم يحدها بزمن ولا مقدار, فدل ذلك على أنه ردهم إلى العرف فإذا ارتضع الصبي وقطع قطعا بينا باختياره, كان ذلك رضعة فإذا عاد كانت رضعة أخرى فأما إن قطع لضيق نفس, أو للانتقال من ثدي إلى ثدي أو لشيء يلهيه أو قطعت عليه المرضعة, نظرنا فإن لم يعد قريبا فهي رضعة وإن عاد في الحال ففيه وجهان أحدهما, أن الأولى رضعة فإذا عاد فهي رضعة أخرى وهذا اختيار أبي بكر وظاهر كلام أحمد في رواية حنبل, فإنه قال: أما ترى الصبي يرتضع من الثدي فإذا أدركه النفس أمسك عن الثدي ليتنفس أو يستريح فإذا فعل ذلك فهي رضعة, وذلك لأن الأولى رضعة لو لم يعد فكانت رضعة وإن عاد كما لو قطع باختياره والوجه الآخر, أن جميع ذلك رضعة وهو مذهب الشافعي إلا فيما إذا قطعت عليه المرضعة ففيه وجهان لأنه لو حلف: لا أكلت اليوم إلا أكلة واحدة فاستدام الأكل زمنا, أو قطع لشرب الماء أو انتقال من لون إلى لون أو انتظار لما يحمل إليه من الطعام لم يعد إلا أكلة واحدة, فكذا ها هنا والأول أصح لأن اليسير من السعوط والوجور رضعة فكذا هذا. قال الشافعي: [والسعوط كالرضاع وكذلك الوجور] معنى السعوط: أن يصب اللبن في أنفه من إناء أو غيره والوجور: أن يصب في حلقه صبا من غير الثدي واختلفت الرواية في التحريم بهما, فأصح الروايتين أن التحريم يثبت بذلك كما يثبت بالرضاع وهو قول الشعبي والثوري وأصحاب الرأي وبه قال مالك في الوجور والثانية لا يثبت بهما التحريم وهو اختيار أبي بكر, ومذهب داود وقول عطاء الخراساني في السعوط لأن هذا ليس برضاع وإنما حرم الله تعالى ورسوله بالرضاع ولأنه حصل من غير ارتضاع, فأشبه ما لو دخل من جرح في بدنه ولنا ما روى ابن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا رضاع, إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم) رواه أبو داود ولأن هذا يصل به اللبن إلى حيث يصل بالارتضاع ويحصل به من إنبات اللحم وإنشاز العظم ما يحصل من الارتضاع, فيجب أن يساويه في التحريم والأنف سبيل الفطر للصائم فكان سبيلا للتحريم كالرضاع بالفم. وإنما يحرم من ذلك مثل الذي يحرم بالرضاع, وهو خمس في الرواية المشهورة فإنه فرع على الرضاع فيأخذ حكمه, فإن ارتضع وكمل الخمس بسعوط أو وجور أو استعط أو أوجر وكمل الخمس برضاع, ثبت التحريم لأنا جعلناه كالرضاع في أصل التحريم فكذلك في إكمال العدد ولو حلبت في إناء دفعة واحدة, ثم سقته غلاما في خمسة أوقات فهو خمس رضعات فإنه لو أكل من طعام خمس أكلات متفرقات, لكان قد أكل خمس أكلات وإن حلبت في إناء حلبات في خمسة أوقات ثم سقته دفعة واحدة كان رضعة واحدة كما لو جعل الطعام في إناء واحد في خمسة أوقات, ثم أكله دفعة واحدة كان أكلة واحدة وحكى عن الشافعي قول في الصورتين عكس ما قلنا اعتبارا لخروجه منها لأن الاعتبار بالرضاع والوجور فرعه ولنا أن, الاعتبار بشرب الصبي له لأنه المحرم ولهذا ثبت التحريم به من غير رضاع ولو ارتضع بحيث يصل إلى فيه, ثم مجه لم يثبت التحريم فكان الاعتبار به, وما وجد منه إلا دفعة واحدة فكان رضعة واحدة وإن سقته في أوقات, فقد وجد في خمسة أوقات فكان خمس رضعات فأما إن سقته اللبن المجموع جرعة بعد جرعة متتابعة, فظاهر قول الخرقي أنه رضعة واحدة لاعتباره خمس رضعات متفرقات ولأن المرجع في الرضعة إلى العرف وهم لا يعدون هذا رضعات فأشبه ما لو أكل الآكل الطعام لقمة بعد لقمة, فإنه لا يعد أكلات ويحتمل أن يرجع على ما إذا قطعت عليه المرضعة الرضاع على ما قدمنا. وإن عمل اللبن جبنا ثم أطعمه الصبي ثبت به التحريم وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة: لا يحرم به لزوال الاسم وكذلك على الرواية التي تقول: لا يثبت التحريم بالوجور لا يثبت ها هنا بطريق الأولى ولنا, أنه واصل من الحلق يحصل به إنبات اللحم وإنشاز العظم فحصل به التحريم, كما لو شربه. فأما الحقنة فقال أبو الخطاب: المنصوص عن أحمد أنها لا تحرم وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وقال ابن حامد, وابن أبي موسى: تحرم وهذا مذهب الشافعي لأنه سبيل يحصل بالواصل منه الفطر فتعلق به التحريم, كالرضاع ولنا أن هذا ليس برضاع ولا يحصل به التغذي, فلم ينشر الحرمة كما لو قطر في إحليله ولأنه ليس برضاع ولا في معناه, فلم يجز إثبات حكمه فيه ويفارق فطر الصائم فإنه لا يعتبر فيه إنبات اللحم, ولا إنشاز العظم وهذا لا يحرم فيه إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظم ولأنه وصل اللبن إلى الباطن من غير الحلق أشبه ما لو وصل من جرح. قال: [واللبن المشوب كالمحض] المشوب: المختلط بغيره والمحض: الخالص الذي لا يخالطه سواه وسوى الخرقي بينهما, سواء شيب بطعام أو شراب أو غيره وبهذا قال الشافعي وقال أبو بكر: قياس قول أحمد أنه لا يحرم لأنه وجور وحكى عن ابن حامد أنه قال: إن كان الغالب اللبن حرم وإلا فلا وهو قول أبي ثور, والمزني لأن الحكم للأغلب ولأنه يزول بذلك الاسم والمعنى المراد به ونحو هذا قول أصحاب الرأي وزادوا, فقالوا: إن كانت النار قد مست اللبن حتى أنضجت الطعام أو حتى تغير فليس برضاع ووجه الأول, أن اللبن متى كان ظاهرا فقد حصل شربه ويحصل منه إنبات اللحم وإنشاز العظم, فحرم كما لو كان غالبا وهذا فيما إذا كانت صفات اللبن باقية, فأما إن صب في ماء كثير لم يتغير به لم يثبت به التحريم لأن هذا ليس بلبن مشوب ولا يحصل به التغذي, ولا إنبات اللحم ولا إنشاز العظم وحكي عن القاضي أن التحريم يثبت به وهو قول الشافعي لأن أجزاء اللبن حصلت في بطنه فأشبه ما لو كان لونه ظاهرا ولنا, أن هذا ليس برضاع ولا في معناه فوجب أن لا يثبت حكمه فيه. وإن حلب من نسوة, وسقيه الصبي فهو كما لو ارتضع من كل واحدة منهن لأنه لو شيب بماء أو عسل لم يخرج عن كونه رضاعا محرما, فكذلك إذا شيب بلبن آخر. قال: [ويحرم لبن الميتة كما يحرم لبن الحية لأن اللبن لا يموت] المنصوص عن أحمد, في رواية إبراهيم الحربي أنه ينشر الحرمة وهو اختيار أبي بكر وهو قول أبي ثور والأوزاعي, وابن القاسم وأصحاب الرأي وابن المنذر وقال الخلال: لا ينشر الحرمة وتوقف عنه أحمد, في رواية مهنا وهو مذهب الشافعي لأنه لبن ممن ليس بمحل للولادة فلم يتعلق به التحريم كلبن الرجل ولنا أنه وجد الارتضاع, على وجه ينبت اللحم وينشز العظم من امرأة فأثبت التحريم كما لو كانت حية ولأنه لا فارق بين شربه في حياتها وموتها إلا الحياة والموت أو النجاسة, وهذا لا أثر له فإن اللبن لا يموت والنجاسة لا تمنع, كما لو حلب في وعاء نجس ولأنه لو حلب منها في حياتها فشربه بعد موتها لنشر الحرمة, وبقاؤه في ثديها لا يمنع ثبوت الحرمة لأن ثديها لا يزيد على الإناء في عدم الحياة وهي لا تزيد على عظم الميتة في ثبوت النجاسة. ولو حلبت المرأة لبنها في إناء ثم ماتت, فشربه صبي نشر الحرمة في قول كل من جعل الوجور محرما وبه قال أبو ثور والشافعي وأصحاب الرأي, وغيرهم وذلك لأنه لبن امرأة في حياتها فأشبه ما لو شربه وهي في الحياة. قال: [وإذا حلبت ممن يلحق نسب ولدها به فثاب لها لبن, فأرضعت به طفلا خمس رضعات متفرقات في حولين حرمت عليه, وبناتها من أبي هذا الحمل ومن غيره وبنات أبي هذا الحمل منها ومن غيرها وإن أرضعت صبية, فقد صارت ابنة لها ولزوجها لأن اللبن من الحمل الذي هو منه] وجملة ذلك أن المرأة إذا حملت من رجل وثاب لها لبن فأرضعت به طفلا رضاعا محرما صار الطفل المرتضع ابنا للمرضعة بغير خلاف, وصار أيضا ابنا لمن ينسب الحمل إليه فصار في التحريم وإباحة الخلوة ابنا لهما وأولاده من البنين والبنات أولاد أولادهما, وإن نزلت درجتهم وجميع أولاد المرضعة من زوجها ومن غيره وجميع أولاد الرجل الذي انتسب الحمل إليه من المرضعة ومن غيرها, إخوة المرتضع وأخواته وأولاد أولادها أولاد إخوته وأخواته, وإن نزلت درجتهم وأم المرضعة جدته وأبوها جده وإخوتها أخواله, وأخواتها خالاته وأبو الرجل جده وأمه جدته, وإخوته أعمامه وأخواته عماته وجميع أقاربهما ينتسبون إلى المرتضع كما ينتسبون إلى ولدهما من النسب لأن اللبن الذي ثاب للمرأة مخلوق من ماء الرجل والمرأة, فنشر التحريم إليهما ونشر الحرمة إلى الرجل وإلى أقاربه وهو الذي يسمى لبن الفحل وفي التحريم به اختلاف, ذكرناه في باب ما يحرم نكاحه والجمع بينه والحجة القاطعة فيه, ما روت عائشة (أن أفلح أخا أبي القعيس استأذن على بعد ما أنزل الحجاب فقلت: والله لا آذن له حتى أستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني, ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس فدخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن الرجل ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأته قال: ائذني له فإنه عمك, تربت يمينك قال عروة: فبذلك كانت عائشة تأخذ بقول: حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب) متفق عليه وسئل ابن عباس عن رجل تزوج امرأتين فأرضعت إحداهما جارية, والأخرى غلاما هل يتزوج الغلام الجارية؟ فقال: لا اللقاح واحد قال مالك: اختلف قديما في الرضاعة من قبل الأب, ونزل برجال من أهل المدينة في أزواجهم منهم محمد بن المنكدر وابن أبي حبيبة فاستفتوا في ذلك, فاختلف عليهم ففارقوا زوجاتهم فأما المرتضع فإن الحرمة تنتشر إليه وإلى أولاده وإن نزلوا, ولا تنتشر إلى من في درجته من إخوته وأخواته ولا إلى أعلى منه كأبيه وأمه وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته وأجداده وجداته, فلا يحرم على المرضعة نكاح أبي الطفل المرتضع ولا أخيه ولا عمه, ولا خاله ولا يحرم على زوجها نكاح أم الطفل المرتضع ولا أخته, ولا عمته ولا خالته ولا بأس أن يتزوج أولاد المرضعة, وأولاد زوجها إخوة الطفل المرتضع وأخواته قال أحمد: لا بأس أن يتزوج الرجل أخت أخته من الرضاع ليس بينهما رضاع ولا نسب وإنما الرضاع بين الجارية وأخته. إذا ثبت هذا, فإن من شرط تحريم الرضاع أن يكون في الحولين وهذا قول أكثر أهل العلم روى نحو ذلك عن عمر وعلي, وابن عمر وابن مسعود وابن عباس, وأبى هريرة وأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- سوى عائشة وإليه ذهب الشعبي وابن شبرمة والأوزاعي, والشافعي وإسحاق وأبو يوسف, ومحمد وأبو ثور ورواية عن مالك, وروي عنه إن زاد شهرا جاز وروى شهران وقال أبو حنيفة: يحرم الرضاع في ثلاثين شهرا لقوله سبحانه: وإذا وطئ رجلان امرأة فأتت بولد فأرضعت بلبنه طفلا, صار ابنا لمن ثبت نسب المولود منه سواء ثبت نسبه منه بالقافة أو بغيرها وإن ألحقته القافة بهما صار المرتضع ابنا لهما, فالمرتضع في كل موضع تبع للمناسب فمتى لحق المناسب بشخص فالمرتضع مثله, وإن انتفى المناسب عن أحدهما فالمرتضع مثله لأنه بلبنه ارتضع, وحرمته فرع على حرمته وإن لم يثبت نسبه منهما لتعذر القافة أو لاشتباهه عليهم ونحو ذلك, حرم عليهما تغليبا للحظر لأنه يحتمل أن يكون منهما ويحتمل أن يكون ابن أحدهما, فيحرم عليه أقاربه دون أقارب الآخر وقد اختلطت أخته بغيرها فحرم الجميع, كما لو علم أخته بعينها ثم اختلطت بأجنبيات وإن انتفى عنهما جميعا بأن تأتي به لدون ستة أشهر من وطئهما, أو لأكثر من أربع سنين أو لدون ستة أشهر من وطء أحدهما أو لأكثر من أربع سنين من وطء الآخر, انتفى المرتضع عنهما أيضا فإن كان المرتضع جارية حرمت عليهما تحريم المصاهرة ويحرم أولادها عليها أيضا لأنها ابنة موطوءتهما, فهي ربيبة لهما. ولا تنتشر الحرمة بغير لبن الآدمية بحال فلو ارتضع اثنان من لبن بهيمة لم يصيرا أخوين, في قول عامة أهل العلم منهم الشافعي وابن القاسم وأبو ثور وأصحاب الرأي ولو ارتضعا من رجل, لم يصيرا أخوين ولم تنتشر الحرمة بينه وبينهما في قول عامتهم وقال الكرابيسي: يتعلق به التحريم لأنه لبن آدمي, أشبه لبن الآدمية وحكى عن بعض السلف أنهما إذا ارتضعا من لبن بهيمة صارا أخوين وليس بصحيح لأن هذا لا يتعلق به تحريم الأمومة, فلا يثبت به تحريم الأخوة لأن الأخوة فرع على الأمومة وكذلك لا يتعلق به تحريم الأبوة لذلك, ولأن هذا اللبن لم يخلق لغذاء المولود فلم يتعلق به التحريم كسائر الطعام فإن ثاب لخنثى مشكل لبن, لم يثبت به التحريم لأنه لم يثبت كونه امرأة فلا يثبت التحريم مع الشك وقال ابن حامد:: يقف الأمر حتى ينكشف أمر الخنثى فعلى قوله يثبت التحريم إلا أن يتبين كونه رجلا لأنه لا يأمن كونه محرما. وإن ثاب لامرأة لبن من غير وطء, فأرضعت به طفلا نشر الحرمة في أظهر الروايتين وهو قول ابن حامد, ومذهب مالك والثوري والشافعي, وأبي ثور وأصحاب الرأي وكل من يحفظ عنه ابن المنذر لقول الله تعالى: {وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم} ولأنه لبن امرأة فتعلق به التحريم, كما لو ثاب بوطء ولأن ألبان النساء خلقت لغذاء الأطفال وإن كان هذا نادرا, فجنسه معتاد والرواية الثانية لا ينشر الحرمة لأنه نادر لم تجر العادة به لتغذية الأطفال, فأشبه لبن الرجال والأول أصح. إذا كان لرجل خمس أمهات أولاد له منهن لبن فارتضع طفل من كل واحدة منهن رضعة, لم يصرن أمهات له وصار المولى أبا له وهذا قول ابن حامد لأنه ارتضع من لبنه خمس رضعات وفيه وجه آخر لا تثبت الأبوة لأنه رضاع لم يثبت الأمومة, فلم يثبت الأبوة كالارتضاع بلبن الرجل والأول أصح فإن الأبوة إنما تثبت لكونه رضع من لبنه لا لكون المرضعة أما له ولأصحاب الشافعي وجهان, كهذين وإذا قلنا بثبوت الأبوة حرمت عليه المرضعات لأنه ربيبهن وهن موطوءات أبيه وإن كان لرجل خمس بنات, فأرضعن طفلا كل واحدة رضعة لم يصرن أمهات له وهل يصير الرجل جدا له, وأولاده أخوالا له وخالات؟ على وجهين: أحدهما: يصير جدا وأخوهن خالا لأنه قد كمل للمرتضع خمس رضعات من لبن بناته أو أخواته فأشبه ما لو كان من واحدة والآخر: لا يثبت ذلك لأن كونه جدا فرع كون ابنته أما, وكونه خالا فرع كون أخته أما ولم يثبت ذلك فلا يثبت الفرع وهذا الوجه يترجح في هذه المسألة: لأن الفرعية متحققة, بخلاف التي قبلها فإن قلنا: يصير أخوهن خالا لم تثبت الخئولة في حق واحدة منهن لأنه لم يرتضع من لبن أخواتها خمس رضعات ولكن يحتمل التحريم لأنه قد اجتمع من اللبن المحرم خمس رضعات ولو كمل للطفل خمس رضعات من أمه وأخته وابنته وزوجته وزوجة أبيه من كل واحدة رضعة, خرج على الوجهين. إذا كان لامرأة لبن من زوج فأرضعت طفلا ثلاث رضعات وانقطع لبنها, فتزوجت آخر فصار لها منه لبن فأرضعت منه الصبي رضعتين, صارت أما له بغير خلاف علمناه عند القائلين بأن الخمس محرمات ولم يصر واحد من الزوجين أبا له لأنه لم يكمل عدد الرضاع من لبنه, ويحرم على الرجلين لكونه ربيبها لا لكونه ولدهما.
|