الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الثعلبي
.تفسير الآيات (11- 29): {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14) فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)}{وَإِذَا السمآء كُشِطَتْ} أي فعلت ونزعت وجذبت عن أماكنها ثم طويت، وفي قراءة عبد الله: قشطت بالقاف وهما لغتان، والقاف والكاف في كلام العرب يتعاقبان مخرجيهما كما يقال: الكافور والقافور والقف والكُف.{وَإِذَا الجحيم سُعِّرَتْ} قرأ أهل المدينة بالتشديد غيرهم بالتخفيف واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، لأنها واحدة واختلف فيه بن عاصم وبن عامر، ومعناه: أوقدت، قال قتادة: سعّرها غضب الله وخطايا بني آدم.{وَإِذَا الجنة أُزْلِفَتْ} قرّبت لأهلها نظيرها قوله: {وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ} [الشعراء: 90] {عَلِمَتْ} عند ذلك {نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ} من خير أو شرّ وهو جواب لقوله: {إِذَا الشمس} وما بعدها كما يقال: إذا قام زيد قعد عمر، وقال ابن عباس في قوله: {إِذَا الشمس كُوِّرَتْ} إلى قوله: {عَلِمَتْ}: اثنتا عشرة خصلة ستة في الدنيا وستة في الآخرة.{فَلاَ أُقْسِمُ بالخنس * الجوار الكنس} قال قوم: هي النجوم الخمسة الذراري السيارة تخنس في مجارتها فترجع ورائها ويكنس في وقت اختفائها غروبها كما يكنس الظباء في مغارها، وقال قتادة: هي النجوم تبدوا بالليل وتخفى بالنهار فلا تُرى ودليل هذا التأويل ما روى شعبة عن سماك عن خالد بن عرعرة أن رجلا من مراد قال لعلي: ما الخنس الجوار الكنس؟ قال: هي الكواكب تخنس بالنهار فلا تُرى وتكنس بالليل فتأوي إلى مجاريها، وهي بهرام وزحل وعطارد والزهرة والمشتري، قال ابن زيد: معنى الخنس: أنها تخنس أي تتأخر عن مطالعها كل سنة لها في كل عام تأخر يتأخره عن تعجيل ذلك الطلوع يخنس عنه والكنس يكنسن بالنهار فلا تُرى.وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن النواب قال: حدّثنا رضوان بن أحمد بن عبد الجبار قال: حدّثنا أبو معونة عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله في قوله سبحانه: {الجوار الكنس} قال: هي بقر الوحش، وإليه ذهب إبراهيم وجابر بن زيد وقال سعيد بن جبير: هي الظباء وهي رواية العوفي عن ابن عباس.وأصل الخنس الرجوع إلى وراء، والكنوس أن يأوي إلى مكانسها، وهي المواضع التي يأوي إليها الوحش قال الأعشى:ويقال لها الكنايس أيضاً، قال طرفه بن العبد: وقال أوس بن حجر: {والليل إِذَا عَسْعَسَ} قال الحسن: أقبل بظلامه، وقال الآخرون: أدبر، يقول العرب: عسعس الليل وسعسع إذا أدبر ولم يبق منه إلاّ اليسير، قال علقمة بن فرط: وقال رؤبة: من بعد إن كان فتى سرّعرعا.{والصبح إِذَا تَنَفَّسَ} أقبل وأضاء وبدأ أوله وقيل: أمتد وارتفع.{إِنَّهُ} يعني القرآن {لَقَوْلُ} لتنزيل {رَسُولٍ كَرِيمٍ} وهو جبريل عليه السلام {ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي العرش مَكِينٍ * مُّطَاعٍ ثَمَّ} في السماء يطيعه الملائكة {أَمِينٍ} على الوحي {وَمَا صَاحِبُكُمْ} محمد {بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ} يعني جبريل على صورته {بالأفق المبين} وهو الأفق الأعلى من ناحية المشرق الذي يجيء منه النهار، قاله مجاهد وقتادة.أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا مخلد قال: حدّثنا ابن علويه قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثنا إسحق بن بشر قال: حدّثنا ابن جريح عن عكرمة، ومقاتل عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: «إني أحبّ أن أراك في صورتك التي تكون فيها في السماء» قال: لن تقوى على ذلك، قال: «بلى» قال: فأين تشاء أن أتخيل لك؟ قال: «بالأبطح» قال: لا يسعني قال: «فبمنى» قال: لا يسعني قال: «فبعرفات» قال: ذاك بالحرى أن يسعني، فواعده فخرج النبي صلى الله عليه وسلم للوقت، فإذا هو بجبريل عليه السلام قد أقبل من جبال عرفات بخشخشه وكلكله قد ملأ ما بين المشرق والمغرب ورأسه في السماء ورجله في الأرض، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم خرّ مغشياً عليه فتحوّل جبريل في صورته فضمّه إلى صدره، وقال: يا محمد لا تخف، فكيف لو رأيت إسرافيل ورأسه من تحت العرش ورجلاه في النجوم السابعة، وإن العرش لعلى كاهله، وإنّه ليتضائل أحياناً من مخافة الله عزّوجل حتى يصير مثل الوضع يعني العصفور حتى ما يحمل عرش ربك إلاّ عظمته.{وَمَا هُوَ} يعني محمد صلى الله عليه وسلم {عَلَى الغيب} أي الوحي وخبر السماء وما اطّلع عليه من علم الغيب {بِضَنِينٍ} قرأ زيد بن ثابت والحسن وابن عمرو والأشهب وعاصم والأعمش وحمزة وأهل المدينة والشام بالضاد، وكذلك في حرف أُبيّ بن كعب ومصحفه، وهي قراءة ابن عباس برواية مجاهد واختيار أبي حاتم ومعناه: يبخل يقول: يأتيه علم الغيب وهو منقوش فيه فلا يبخل به عليكم بل يعلّمكم ويخبركم به، يقول العرب: ضننت بالشيء بكسر النون أضن به ضناً وضنانة فأنا ضنين، أي بخيل، قال الشاعر: وقرأ الباقون بالظاء وكذلك هو في حرف ابن مسعود ومصحفه وهي قراءة عبد الله وعروة ابني الزبير وعمر بن عبد العزيز وأبي عبد السلمي ورواية سعيد بن جبير عن ابن عباس ومعناه يتهمهم يقال: فلان يُظن بمال ويزن بمال أي يتهمّ به، والظنّة: التهمة، قال الشاعر: واختار أبو عبيد هذه القراءة وقال: أنهم لم يبخّلوه فيحتاج أن ينفى عنه ذلك البخل، وإنما كذّبوه واتهموه، ولأنّ الأكثر من كلام العرب ما هو بظنين بكذا ولا يقولون على كذا إنّما يقولون: ما أنت على كذا بمتهم، وقيل بظنين.بضعيف حكاه الفراء والمبرّد يقال: رجل ظنين أي ضعيف، وبئر ضنون إذا كانت ضعيفة الماء، قال الأعشى: {وَمَا هُوَ} يعني القرآن {بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * فَأيْنَ تَذْهَبُونَ} يعني قال: أين تعدلون عن هذا القرآن، وفيه الشفاء والبيان، قال الكسائي: سمعت العرب تقول: انطلق به الغور، وحكى الفراء عن العرب: ذهبت الشام وخرجت العراق وانطلقت السوق، أي [.....] قال سمعناه في هذه الأحرف الثلاثة وأنشدني بعض بني عقيل: يريد إلى أي الأرض تذهب.وقال الواسطي: فأين تذهبون من ضعف إلى ضعف ارجعوا إلى فُسحة الربوبيّة ليستقر بكم القرار، وقال الجنيد: معنى هذه الآية مقرون بآية اخرى وهو قوله سبحانه وتعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} [الحجر: 21] فأين يذهبون.{إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ * لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ} أي يتبع الحق ويعمل به ويقيم عليه ثم قال: {وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله رَبُّ العالمين} أخبرنا أبو بكر بن عبدوس المزكى قال: أخبرنا أبو حامد بن بلال البزاز قال: حدّثنا أحمد بن يوسف السلمي قال: حدّثنا أبو مسهر قال: حدّثني سعيد عن سليمان بن موسى قال: لما أنزل الله سبحانه وتعالى {لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ} قال أبو جهل بن هشام: ذاك إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم، فأنزل الله سبحانه {وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله رَبُّ العالمين}.وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه قال: حدّثنا الفرمي قال: حدّثني مالك بن سليمان قال: حدّثنا بقية عن عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة قال: لمّا أنزل الله سبحانه على رسوله: {لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ} قالوا: الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فأنزل الله سبحانه وتعالى: {وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله رَبُّ العالمين}.وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا محمد بن عمر بن مهران قال: حدّثنا أبو مسلم الكنجي قال: حدّثنا جعفر بن جبير بن فرقد قال: سمعت رجلا سأل الحسن عن قول الله سبحانه وتعالى {وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله رَبُّ العالمين} فقال الحسن: والله ما شاءت العرب الإسلام حتى شاء الله لها.وأخبرني الحسن قال: حدّثنا أحمد بن علي بن الحسين قال: حدّثنا علي بن أحمد بن بسطام قال: حدّثنا إبراهيم بن الحجاج الشامي قال: حدّثنا حماد بن سلمة قال: حدّثنا أبو سنان عن وهب بن منبّه قال: الكتب التي أنزلها الله سبحانه على الأنبياء بضع وتسعون كتاباً قرأت منها بضعاً وثمانين كتاباً فوجدت فيها من جعل لنفسه شيئاً من المشيئة فقد كفر.قال الواسطي: أعجزك في جميع أوصافك فلا تشاء إلاّ مشيئته ولا تعمل إلاّ بقوته ولا تطيع إلاّ بفضله ولا تعصي. إلاّ بخذلانه فماذا يبقى لك وماذا تفتخر من أفعالك وليس من فعلك شيء؟. .سورة الانفطار: مكيّة، وهي تسع عشر آية، وثمانون كلمة، وثلاثمائة وسبعة وعشرون حرفاً.أخبرني محمد بن القاسم قال: أخبرنا محمد بن مطر قال: حدّثنا إبراهيم بن شريك قال: حدّثنا أحمد بن يونس قال: حدّثنا سلام بن سليم قال: حدّثنا هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أُبيّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ إذا السماء انفطرت أعطاه الله سبحانه من الأجر بعدد كل قبر حسنة وبعدد كل قطرة ماء حسنة وأصلح الله له شأنه يوم القيامة».بسم الله الرحمن الرحيم.تفسير الآيات (1- 8): {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)}{إِذَا السمآء انفطرت} انشقت {وَإِذَا الكواكب انتثرت} تساقطت {وَإِذَا البحار فُجِّرَتْ} أي فجر بعضها في بعض عدنها في ملحها وملحها في عدنها فصارت بحراً واحداً، وقال الحسن: ذهب ماؤها، وقال الكلبي: مليت.{وَإِذَا القبور بُعْثِرَتْ} بحثت ونثرت وأثيرت فاستخرج ما في الأرض من الكنوز ومن فيها من الموتى أحياء، يقال: بعثرت الحوض وبحثرته إذا هدمته فجعلت أسفله أعلاه، وهذا من أشراط الساعة أن تخرج الأرض أفلاذ كبدها من ذهبها وفضّتها وأموالها {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ} من عمل صالح أو طالح.{وَأَخَّرَتْ} من سنّة حسنة أو سيئة، وقال عكرمة: ما قدّمت من الفرائض التي أدّتها واخّرت من الفرائض التي ضيّعتها، وقيل: ما قدمت من الأعمال وأخّرت من المظالم، وقيل: ما قدّمت من الصدقات وأخرّت من التركات، وقيل ما قدّمت من الاسقاط والإفراط وما أخرت من الأولاد وهذا جواب إذا.{ياأيها الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم}.أخبرنا عبد الله الفتحوي قال: حدّثنا أبو علي المقريء قال: حدّثنا أبو القاسم ابن الفضل المقريء قال: حدّثنا علي بن الحسين قال: حدّثنا المقدّمي وعلي بن هاشم قالا: حدّثنا كثير بن هشام قال: حدّثنا جعفر بن برقان قال: حدّثني صالح بن مسمار قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: {ياأيها الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم} قال: جهله، وقال قتادة: غرّة شيطانه عدوه المسّلط عليه.وحدّثني الحسن بن محمد بن الحسن قال: حدّثني أبي عن جدّي عن علي بن الحسن الهلالي عن إبراهيم بن الأشعث قال: قيل للفضّيل بن عياض: لو أقامك الله سبحانه وتعالى يوم القيامة بين يديه فقال: ما غرّك بربّك الكريم ماذا كنت تقول؟ قال: أقول غرني ستورك المرخاة، نظمه محمد ابن السماك فقال:وقال: مقاتل: غرّه عفو الله حين لم يعجّل عليه بالعقوبة، وتلا نصر بن مغلس هذه الآية فقال: غرّه رفق الله به.وسمعت أبا القاسم الحلبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن محمد الورّاق يقول: سمعت يحيى بن معاذ يقول: لو أقامني الله سبحانه بين يديه فقال: ما غرّك بي؟ قلت: غرّني بك برّك بي سابقاً وآنفاً.وسمعته يقول: أخبرنا عبد الله بن محمد بن صالح المغافري يقول: سمعت حماد بن بكر يحكي عن بعضهم أنه قال: لو سألني عن هذا ربي لقلت: غرّني حلمك، وسمعته يقول: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن يزيد النسقي يقول: سمعت أبا عبد الله حسن أبي بكر الورّاق يقول: سمعت أبا بكر الورّاق يقول: لو قال لي ما غرّك بربّك الكريم لقلت: غرّني كرم الكريم.قال أهل الإشارة: إنّما قال: {بِرَبِّكَ الكريم} دون سائر أسمائه وصفاته؛ لأنه كان لفتة الإجابة حتى يقول: غرّني كرم الكريم، قال منصور بن عمار لو قيل: ما غرّك بي؟ قلت: يا رب ما غرّني إلاّ ما علمته من فضلك على عبادك وصفحك عنهم، وروى أبو وائل عن ابن مسعود قال: ما منكم من أحد إلاّ سيخلو الله سبحانه وتعالى به يوم القيامة فيقول: يابن آدم ما غرّك بي يابن آدم ماذا عملت فيما علمت يابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟وسمعت أبا القاسم النيسابوري يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبيد الله الشامي وأبا الحسن محمد بن الحسين القاضي الجرجاني يقولان: سمعنا إبراهيم بن فاتك يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: كم من مغرور تحت الستر وهو لا يشعر.وأنشدني الحسن بن جعفر البابي يقول: أنشدني منصور بن عبد الله الأصفهاني يقول: أنشدنا أبو بكر بن طاهر الأبهري في هذا المعنى: {الذي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} قرأ أهل الكوفة بتخفيف الدال أي صرفك وأمالك إلى أي صورة شاء قبيحاً أو جميلا وقصيراً أو طويلا، وقرأ الباقون بالتشديد أي قوّمك وجعلك معتدل الخلق، وهو اختيار الفراء وأبي عبيد لقوله سبحانه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4].{في أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ} قال مجاهد: في أي شبه أب أو أم أو خال أو عم.وأنبأني عبد الله بن حامد قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن العسكري قال: حدّثنا عبد الرحمن بن محمّد بن منصور قال: حدّثنا مطهر بن الهيثم قال: حدّثنا موسى بن علي عن أبيه عن جدّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما ولد لك» قال: يا رسول الله وما عسى أن يولد لي إمّا غلام وإما جارية. قال صلى الله عليه وسلم: «من شبه» قال: فمن شبه إمه وأباه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقل هكذا إنّ النطفة إذا أستقرت في الرحم أحضر الله كلّ نسب بينهم وبين آدم، أما قرأت هذه الآية {في أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ}» قال صلى الله عليه وسلم: «إن شاء في صورة إنسان وإن شاء في صورة حمار وإن شاء في صورة قرد، وإن شاء في صورة كلب وإن شاء في صورة خنزير».
|