الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»
.تفسير الآية رقم (191): {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191)}{يُشْرِكُونَ أَيُشْرِكُونَ} به تعالى: {مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئًا} أي ما لا يقدر على أن يخلق شيئًا من الأشياء أصلًا ومن حق المعبود أن يكون خالقًا لعابده لا محالة وعنى {ا} الأصنام، وإرجاع الضمير إليها مفردًا لرعاية لفظها كما أن إرجاع ضمير الجمع إليهما من قوله سبحانه وتعالى: {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} لرعاية معناها وإيراد ضمير العقلاء مع أن الأصنام مما لا يعقل إنما هو بحسب اعتقادهم فيها وإجرائهم لها مجرى العقلاء وتسميتهم لها آلهة.والجملة عطف على {لاَّ يَخْلُقُ}، والجمع بين الأمرين لإبانة كمال منافاة حال ما أشركوه لما اعتقدوه فيه وإظهار غاية جهلهم، وعدم التعرض للخالق للإيذان بتعينه والاستغناء عن ذكره تعالى..تفسير الآية رقم (192): {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192)}{وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ} أي الأصنام {لَهُمْ} أي للمشركين الذين عبدوهم {نَصْرًا} أي نصرًا ما إذا أحزنهم أمرهم وخطب ملم {وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ} إذا اعتراهم حادثة من الحوادث أي لا يدفعونها عن أنفسهم، وإيراد النصر للمشاكلة وهو مجاز في لازم معناه وهذا لتأكيد العجز والاحتياج المنافيين لاستحقاق الألوهية، ووصفوا فيما تقدم بالمخلوقية لكونهم أهلًا لها ولم يوصفوا هنا بالمنصورية لأنهم ليسوا أهلًا لها..تفسير الآية رقم (193): {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193)}وقوله سبحانه وتعالى: {وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الهدى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ} بيان لعجزهم عما هو أدنى من النصر المنفي عنهم وأيسر وهو مجرد الدلالة على البغية والإرشاد إلى طريق حصولها من غير أن تحصل للطالب. والخطاب للمشركين بطريق الالتفات بدلالة ما بعد، وفيه إيذان زيد الاعتناء بأمر التوبيخ والتبكيت، أي وإن تدعوا الأصنام أيها المشركون إلى أن يرشدوكم إلى ما تاحصلون به المطالب أو تنجون به عن المكاره لا يتبعوكم إلى مرادكم ولا يجيبوكم ولا يقدرون على ذلك. وقرأ نافع {يَتَّبِعُوكُمْ} بالتخفيف وقوله تعالى: {سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صامتون} استئناف مقر لمضمون ما قبله ومبين لكيفية عدم الاتباع، أي مستو عليكم في عدم الإفادة دعاؤكم لهم وسكوتكم فإنه لا يتغير حالكم في الحالين كما لا يتغير حالهم بحكم الجمادية، وكان الظاهر الإتيان بالفعل فيما بعد {أَمْ} لأن ما في حيز همزة التسوية مؤول بالمصدر، لكنه عدل عن ذلك للإيذان بأن إحداث العدوة مقابل باستمرار الصمات، وفيه من المبالغة ما لا يخفى، وقيل: إن الاسمية عنى الفعلية وإنما عدل عنها لأنها رأس فاصلة وفيه أنه لو قيل تصمتون تم المراد.وقيل: أن ضمير {تَدْعُواْ} للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أو له عليه الصلاة والسلام وجمع للتعظيم، وضمير المفعولين للمشركين، والمراد بالهدي دين الحق أي إن تدعوا المشركين إلى الإسلام لا يتبعوكم أي لم يحصلوا ذلك منكم ولم يتصفوا به، وتعقب بأنه مما لا يسعده سباق النظم الكريم وسياقه أصلًا على أنه لو كان كذلك لقيل عليهم مكان عليكم كما في قوله تعالى: {سَوَاء عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6] فإن استواء الدعاء وعدمه إنما هو بالنسبة للمشركين لا بالنسبة إلى الداعين فإنهم فائزون بفضل الدعوة، ولعل رواية ذلك عن الحسن غير ثابتة، والطبرسي حاطب ليل..تفسير الآية رقم (194): {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194)}{إِنَّ الذين تَدْعُونَ} تقريري لما قبله من عدم اتباعهم لهم، والدعاء اما عنى العبادة تسمية لها بجزئها، أو عنى التسمية كدعوته زيدًا ومفعولاه محذوفان أي إن الذين تعبدونهم {مِن دُونِ الله} أو تسمونهم آلهة من دونه سبحانه وتعالى: {عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} أي مماثلة لكم من حيث أنها مملوكة لله تعالى مسخرة لأمره عاجزة عن النفع والضر كما قال الأخفش، وتشبيهًا بهم في ذلك مع كون عجزها عنهما أظهر وأقوى من عجزهم إنما هو لاعترافهم بعجز أنفسهم وزعمهم قدرتها عليهما إذ هو الذي يدعوهم إلى عبادتها والاستعانة بها، وقيل: يحتمل أنهم لما نحتوا الأصنام بصور الأناسي قال سبحانه لهم: إن قصارى أمرهم أن يكونوا أحياء عقلاء أمثالكم فلا يستحقون عبادتكم كما لا يستحق بعضكم عبادة بعض فتكون المثلية في الحيوانية والعقل على الفرض والتقدير لكونهم بصورة الأحياء العقلاء، وقرأ سعيد بن جبير {إِنَّ الذين تَدْعُونَ} بتخفيف إن ونب عبادًا أمثالكم، وخرجها ابن جني على أن إن نافية عملت عمل ما الحجازية وهو مذهب الكسائي وبعض الكوفيين. واعترض أولًا: بأنه لم يثبت مثل ذلك، وثانيًا: بأنه يقتضي نفي كونهم عبادًا أمثالهم، والقراءة المشهورة تثبته فتتناقض القراءتان، وأجيب عن الأول: بأن القائل به يقول: إنه ثابت في كلام العرب كقوله:وعن الثاني: أنه لا تناقض لأن المشهورة تثبت المثلية من بعض الوجوه وهذه تنفيها من كل الوجوه أو من وجه آخر فإن الأصنام جمادات مثلًا والداعين ليسوا بها، وقيل: إنها إن المخففة من المثقلة وإنها على لغة من نصب بها الجزئين كقوله: في رأي ولا يخفى، أن إعمال المخففة ونصب جزئيهما كلاهما قليل ضعيف، ومن هنا قيل: إنها مهملة وخبر المبتدأ محذوف وهو الناصب لعبادًا و{أمثالكم} على القراءتين نعت لعباد عليهما أيضًا، وقرئ {ءانٍ} بالتشديد و{عِبَادًا} بالنصب على أنه حال من العائد المحذوف و{أمثالكم} بالرفع على أنه خبر أن، وقرئ به مرفوعًا في قراءة التخفيف ونصب {عِبَادِ} وخرج ذلك على الحالية والخبرية أيضًا {فادعوهم فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ} تحقيق لمضمون ما قبله بتعجيزهم وتبكيتهم أي دافعوهم في رفع ضر أو جلب نفع {إِن كُنتُمْ صادقين} في زعمكم أنهم قادرون على ما أنتم عاجزون عنه وقوله تعالى: .تفسير الآية رقم (195): {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195)}وقوله تعالى: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا} إلخ تبكيت إثر تبكيت مؤكد لما يفيده الأمر التعجيزي من عدم الاستجابة ببيان فقدان آلاتها بالكلية، وقيل: إنه على الاحتمال الأول في المماثلة كر على المثلية بالنقض لأنهم أدون منهم، وعبادة الشخص من هو مثله لا تليق فكيف من هو دونه، وعلى الاحتمال الثاني فيها عود على الفرض المبني عليه بالمثلية بالإبطال، وعلى قراءة التخفيف وإرادة النفي تقرير لنفي المماثلة بإثبات القصور والنقصان، ووجه الإنكار إلى كل واحد من تلك الآلات الأربع على حدة تكريرًا للتبكيت وتثنية للتقريع وإشعارًا بأن انتفاء كل واحد منها بحيالها كاف في الدلالة على استحالة الاستجابة وليس المراد أن من لم يكن له هذه لا يستحق الألوهية وإنما يستحقها من كانت له ليلزم أما نفي استحقاق الله تبارك وتعالى لها أو إثبات ذلك له كما ذهب إليه بعض المجسمة واستدل بالآية عليه بل مجرد إثبات العجز، ومن ذلك يعلم نفي الاستحقاق، ووصفه الأرجل بالمشي بها للإيذان بأن مدار الإنكار هو الوصف وإنما وجه إلى الأرجل لا إلى الوصف بأن يقال: أيمشون بأرجلهم لتحقيق أنها حيث لم يظهر منها ما يظهر من سائر الأرجل فهي ليست بأرجل في الحقيقة، وكذا الكلام فيما بعد من الجوارح الثلاثة الباقية، وكلمة {أَمْ} في قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا} منقطعة وما فيها من الهمزة لما مر من التبكيت، وبل للإضراب المفيد للانتقال من فن منه بعد تمامه إلى آخر منه مما تقدم، والبطش الأخذ بقوة.وقرأ أبو جعفر {يَبْطِشُونَ} بضم الطاء وهو لغة فيه، والمعنى بل ألهم أيد يأخذون بها ما يريدون أو يدفعون بها عنكم، وتأخير هذا عمله قبله كما قال شيخ الإسلام لما أن المشي حالهم في أنفسهم والبطش حالهم بالنسبة إلى الغير، وأما تقديم ذلك على قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ ءاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} مع أن الكل سواء في أنها من أحوالهم بالنسبة إلى الغير فلمراعاة المقابلة بين الأيدي والأرجل ولأن انتفاء المشي والبطش أظهر والتبكيت به أقوى، وأما تقديم الأعين على الآذان فلأنا أشهر منها وأظهر عينًا وأثرًا، وكون الإبصار بالعين والسماع بالأذان جار على الظاهر المتعارف. واستدل بالآية من قال: إن الله تعالى أودع في بعض الأشياء قوة بها تؤثر إذا أذن الله تعالى لها خلافًا لمن قال: إن التأثير عندها لا بها. وزعم أن ذلك القول قريب إلى الكفر وليس كما زعم بل هو الحق الحقيق بالقبول {قُلِ ادعوا شُرَكَاءكُمْ} أمر له صلى الله عليه وسلم بأن يناصبهم المحاجة ويكرر عليهم التبكيت بعد أن بين شركاءهم لا يقدرون على شيء أصلًا، أي أدعوا شركاءكم واستعينوا بهم على {ثُمَّ كِيدُونِ} جميعًا أنتم وشركاؤكم وبالغوا في ترتيب ما تقدرون عليه من مبادي المكر والكيد {فَلاَ تُنظِرُونِ} فلا تمهلوني ساعة بعد ترتيب مقدمات الكيد فإني لا أبالي بكم أصلًا، وياء المتكلم في الفعلين مما لا يثبتوها خطأ، وقرأ أبو عمرو بإثبات ياء كيدون وصلًا وحذفها وقفا، وهشام بإثباتها في الحالين والباقون بحذفها فيهما. وفي هود {فَكِيدُونِى جَمِيعًا} [هود: 55] بإثبات الياء مطلقًا عند الجميع، وأما ياء {فَلاَ تُنظِرُونِ} فقد قال الأجوهري: إنهم حذفوها لا غير..تفسير الآية رقم (196): {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)}{إِنَّ وَلِيّىَ الله الذي نَزَّلَ الكتاب} تعليل لعدم المبالاة المنفهم من السوق انفهامًا جليًا، وأل في الكتاب للعهد والمراد منه القرآن، ووصفه سبحانه بتنزيل الكتاب للإشعار بدليل الولاية، وكأنه وضع نزل الكتاب موضع أرسلني رسولًا ولا شك أن الإرسال يقتضي الولاية والنصرة، وقيل: إن في ذلك إشارة إلى علة أخرى لعدم المبالاة كأنه قيل: لا أبالي بكم وبشركائكم لأن وليي هو الله تعالى الذي نزل الكتاب الناطق بأنه وليي وناصري وبأن شركاءكم لا يستطيعون نصر أنفسهم فضلًا عن نصركم، وقوله سبحانه وتعالى: {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصالحين} تذييل مقرر لمضمون ما قبله، أي ومن عادته جل شأنه أن ينصر الصالحين من عباده ولا يخذلهم وقال الطيبي: إنما خص اسم الذات بتنزيل الكتاب وجعلت الآية تعليلًا للدلالة على تفخيم أمر المنزل وأنه الفارق بين الحق والباطل وأنه المجلي لظلمات الشرك والمفحم لألسن أرباب البيان والمعجز الباقي في كل أوان وهو النور المبين والحبل المتين وبه أصلح الله تعالى شؤون رسوله صلى الله عليه وسلم حيث كمل به خلقه وأقام به أوده وأفسد به الأباطيل المعطلة، ومن ثم جيء بقوله سبحانه وتعالى: {وَهُوَ} إلخ كالتذييل والتقرير لما سبق والتعريض بمن فقد الصلاح بالخذلان والمحق، والمعنى إن وليي الذي نزل الكتاب المشهور الذي تعرفون حقيقته ومثله يتولى الصالحين وبخذل غيرهم، ولا يخفى أن ما ذكر أولًا في أمر الوصفية أنسب بالمقام وأمر التذييل مما لا مرية فيه، وهذه الآية مماجربت المداومة عليها للحفظ من الأعداء وكانت ورد الوالد عليه الرحمة في الأسحار وقد أمره بذلك بعض الأكابر في المنام، والجمهور على تشديد الياء الأولى من {وَلِيُّ} وفتح الثانية ويقرأ بحذفها في اللفظ لسكونها وسكون ما بعدها، وبفتح الأولى ولا ياء بعدها وحذف الثانية من اللفظ تخفيفًا..تفسير الآية رقم (197): {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197)}{والذين تَدْعُونَ مِن دُونِهِ} أي تعبدونهم أو تدعونهم من دونه سبحانه وتعالى للاستعانة بهم على حسا أمرتكم به {لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ} في أمر من الأمور ويدخل في ذلك الأمر المذكور دخولًا أوليًا، وجوز الاقتصار عليه {وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ} إذا أصيبوا بحادثة..تفسير الآيات (198- 199): {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}{وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الهدى} أي إلى أن يهدوكم إلى ما تحصلون به مقاصدكم مطلقًا أو في خصوص الكيد المعهود {لاَ يَسْمَعُواْ} أي دعاءكم فضلًا عن المساعدة والإمداد، وهذا أبلغ من نفي الاتباع، وحمل السماع على القبول كما في سمع الله لمن حمده كما زعمه بعضهم ليس بشيء، وقوله سبحانه وتعالى: {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} بيان لعجزهم عن الإبصار بعد بيان عجزهم عن السمع، وبهذا على ما قيل تم التعليل لعدم المبالاة فلا تكرار أصلًا، وقال الواحدي: إن ما مر للفرق بين من تجوز عبادته وغيره، وهذا جواب ورد لتخويفهم له صلى الله عليه وسلم بآلهتهم، والرؤية بصرية، وجملة ينظرون في موضع الحال من المفعول الراجع للأصنام، والجملة الاسمية حال من فاعل ينظرون، والخطاب لكل واحد من المشركين، والمعنى وترى الأصنام رأي العين يشبهون الناظر إليك ويخيل لك أنهم يبصرون لما أنهم صنع لهم أعين مركبة بالجواهر المتلألئة وصورت بصورة من قلب حدقته إلى الشيء ينظر إليه والحال أنهم غير قادرين على الإبصار، وتوجيه الخطاب إلى كل واحد من المشركين دون الكل من حيث هو كل كالخطابات السابقة للإيذان بأن رؤية الأصنام على الهيئة المذكورة لا يتسنى للكل معًا بل لكل من يواجهها.وذهب غير واحد إلى أن الخطاب في {تَرَاهُمْ} لكل واقف عليه، وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم، وضمير الغيبة على حاله أو للمشركين على أن التعليل قد تم عند قوله تعالى: {لاَ يَسْمَعُواْ} أي وترى المشركين ناظرين إليك والحال أنهم لا يبصرونك كما أنت عليه أو لا يبصرون الحجة كما قال السدي، ومجاهد. ونقل عن الحسن أن الخطاب في {وَإِن تَدْعُوهُمْ} للمؤمنين على أن التعليل قد تم عند قوله سبحانه وتعالى: {يُنصَرُونَ} [الأعراف: 197] أي وإن تدعوا أيها المؤمنون المشركين إلى الإسلام لا يلتفتوا إليكم ولا يقبلوا منكم، وعلى هذا يحسن تفسير السماع بالقبول، وجعل {وَتَرَاهُمْ} خطابًا لسيد المخاطبين بطريق التجريد، وفي الكلام تنبيه على أن ما فيه عليه الصلاة والسلام من شواهد النبوة ودلائل الرسالة من الجلاء بحيث لا يكاد يخفى على الناظرين.وجوز بعضهم أن تكون الرؤية علمية وما كان في موضع المفعول الثاني والأول أولى.
|