الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
فهو إفراد الله تعالى: بأسمائه وصفاته وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات في كتابه، أو على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل. فلا يجوز نفي شيء مما سمى الله به نفسه، أو وصف به نفسه لقوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون} [الأعراف: 180]. ولأن ذلك تعطيل يستلزم تحريف النصوص أو تكذيبها مع وصف الله تعالى: بالنقائص والعيوب. ولا يجوز تسمية الله تعالى: أو وصفه بما لم يأت في الكتاب والسنة لأن ذلك قول على الله تعالى: بلا علم وقد قال الله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانًا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} [البقرة: 169]. وقال: {ولا تقف ما ليس به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولًا} [الإسراء: 36]. ولا يجوز إثبات اسم أو صفة لله تعالى: مع التمثيل لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 10]. وقوله {فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون} [النحل:74]. ولأن ذلك إشراك بالله تعالى: يستلزم تحريف النصوص، أو تكذيبها مع تنقص الله تعالى: بتمثيله بالمخلوق الناقص. ولا يجوز إثبات اسم، أو صفة لله تعالى: مع التكييف لأن ذلك قول على الله تعالى: بلا علم، يستلزم الفوضى، والتخبط في صفات الله تعالى: إذ كل واحد يتخيل كيفية معينة غير ما تخيله الآخر، ولأن ذلك محاولة لإدراك مالا يمكن إدراكه بالعقول، فإنك مهما قدرت من كيفية فالله أعلى وأعظم. وهذا النوع من التوحيد هو الذي كثر فيه الخوض بين أهل القبلة فانقسموا في النصوص الواردة فيه إلى ستة أقسام: القسم الأول: من أجروها على ظاهرها اللائق بالله تعالى: من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل. وهؤلاء هم السلف وهذا هو الصواب المقطوع به لدلالة الكتاب، والسنة، والعقل، والإجماع السابق عليه دلالة قطعية أو ظنية. القسم الثاني: من أجروها على ظاهرها، لكن جعلوها من جنس صفات المخلوقين. وهؤلاء هم الممثلة، ومذهبهم باطل بالكتاب، والسنة والعقل، وإنكار السلف. القسم الثالث: من أجروها على خلاف ظاهرها، وعينوا لها معاني بعقولهم، وحرفوا من أجلها النصوص. وهؤلاء هم أهل التعطيل فمنهم من عطل تعطيلًا كبيرًا كالجهمية والمعتزلة ونحوهم، ومنهم من عطل دون ذلك كالأشاعرة. القسم الرابع: من قالوا: الله أعلم بما أراد بها، وفوضوا علم معانيها إلى الله وحده. وهؤلاء هم أهل التجهيل المفوضة، وتناقض بعضهم فقال: الله أعلم بما أراد، لكنه لم يرد إثبات صفة خارجية له تعالى: القسم الخامس: من قالوا: يجوز أن يكون المراد بهذه النصوص إثبات صفة تليق بالله تعالى: وأن لا يكون المراد ذلك. وهؤلاء كثير من الفقهاء وغيرهم. القسم السادس: من أعرضوا بقلوبهم وأمسكوا بألسنتهم عن هذا كله واقتصروا على قراءة النصوص ولم يقولوا فيها بشيء. وهذه الأقسام سوى الأول باطلة كما قد تبين في غير هذا الموضع.
|