الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ***
المتن: يَصِحُّ طَلَاقُهُ لِيَمْتَنِعَنَّ مِنْ وَطْئِهَا مُطْلَقًا
الشَّرْحُ: (كِتَابُ الْإِيلَاءِ) هُوَ لُغَةً: الْحَلِفُ قَالَ الشَّاعِرُ: وَأَكْذَبُ مَا يَكُونُ أَبُو الْمُثَنَّى إذَا آلَى يَمِينًا بِالطَّلَاقِ وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ مَعَ عَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ، وَخَصَّهُ بِالْحَلِفِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ مُطْلَقًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} الْآيَةَ، وَإِنَّمَا عَدَّى فِيهَا بِمِنْ، وَهُوَ إنَّمَا يُعَدَّى بِعَلَى؛ لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْبُعْدِ كَأَنَّهُ قَالَ: يُؤْلُونَ مُبْعِدِينَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ، وَهُوَ حَرَامٌ لِلْإِيذَاءِ، وَلَيْسَ مِنْهُ إيلَاؤُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا وَأَرْكَانُهُ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ أَرْبَعَةٌ: حَالِفٌ وَمُدَّةٌ وَمَحْلُوفٌ بِهِ، وَمَحْلُوفٌ عَلَيْهِ، زَادَ فِي الْأَنْوَارِ: وَصِيغَةٌ وَزَوْجَةٌ وَقَدْ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: (هُوَ حَلِفُ زَوْجٍ) خَرَجَ بِذَلِكَ السَّيِّدُ وَالْأَجْنَبِيُّ كَمَا سَيَأْتِي، وَيَصِحُّ مِنْ عَجَمِيٍّ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَمِنْ عَرَبِيٍّ بِالْعَجَمِيَّةِ إنْ عُرِفَ الْمَعْنَى كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ (يَصِحُّ طَلَاقُهُ) خَرَجَ بِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُكْرَهُ، وَدَخَلَ فِيهِ الْعَبْدُ وَالْحُرُّ وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالْخَصِيُّ وَالسَّكْرَانُ الْمُتَعَدَّى بِسُكْرِهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ فِي الْجُمْلَةِ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ قَالَ: إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا وَفَرَّعْنَا عَلَى انْسِدَادِ بَابِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ زَوْجٌ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ إيلَاؤُهُ، وَقَوْلُهُ (لِيَمْتَنِعَنَّ مِنْ وَطْئِهَا) أَيْ وَأَطْلَقَ، فَلَوْ حَلَفَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْئِهَا فِي الدُّبُرِ أَوْ الْحَيْضِ أَوْ، النِّفَاسِ أَوْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، بَلْ هُوَ مُحْسِنٌ لَا تَضَرُّرَ بِذَلِكَ وَلَا تَطْمَعُ فِي الْوَطْءِ فِيمَا ذَكَرَ؛ وَلِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْوَطْءِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ شَرْعًا فَأَكَّدَ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ بِالْحَلِفِ، فَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك إلَّا فِي الدُّبُرِ فَمُولٍ، أَوْ إلَّا فِي الْحَيْضِ، أَوْ النِّفَاسِ، أَوْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ مُولٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ وَلَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الرَّاجِحُ، فَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّهُ الْأَشْبَهُ، وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ، فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ وَطْئِهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ ثُمَّ تُطَالِبُ بَعْدَهَا بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ، فَإِنْ فَاءَ إلَيْهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ فِي الْحَالِ لِزَوَالِ الْمُضَارَّةِ بِهِ وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْمُولِي بَعْدَ الْمُدَّةِ ثُمَّ رَاجَعَ تُضْرَبُ الْمُدَّةُ ثَانِيًا لِبَقَاءِ الْيَمِينِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكُونُ مُولِيًا وَبِهِ جَزَمَ السَّرَخْسِيُّ فِي صُورَتَيْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَامَعَ فِيهَا حَصَلَتْ الْفَيْئَةُ فَاسْتِثْنَاؤُهُ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْإِيلَاءِ وَقَوْلُهُ (مُطْلَقًا) نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ امْتِنَاعًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِمُدَّةٍ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا إذَا أَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ أَبَدًا
المتن: أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
الشَّرْحُ: وَقَوْلِهِ (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُدَّةُ، خَرَجَ بِهِ الْأَرْبَعَةُ فَمَا دُونَهَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ: كَمْ تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ؟ فَقِيلَ: شَهْرَيْنِ، وَفِي الثَّالِثُ يَقِلُّ الصَّبْرُ، وَفِي الرَّابِعِ يَنْفُذُ الصَّبْرُ " أَيْ فَإِذَا نَفَذَ صَبْرُهَا طَالَبَتْ، فَلَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي زِيَادَةُ " لَحْظَةَ لَا تَسَعُ الْمُطَالَبَةُ "، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَفِي كَلَامِ الرُّويَانِيِّ مَا يُوَافِقُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ عَجِيبٌ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِالْحَلِفِ عَلَى فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِزَمَانٍ يَتَأَتَّى فِيهِ الْمُطَالَبَةُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ مَحْمُولٌ عَلَى إثْمِ الْإِيذَاءِ، وَكَلَامَ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى إثْمِ الْإِيلَاءِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُولٍ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِذَلِكَ إثْمَ الْإِيلَاءِ عَلَى الرَّاجِحِ فِي الرَّوْضَةِ تَنْبِيهٌ: لَيْسَ هَذَا الْحَدُّ بِجَامِعٍ لِعَدَمِ شُمُولَهُ مَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا لِحُصُولِ الْيَأْسِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُطْلِقْ وَلَمْ يَذْكُرْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَا مَانِعَ أَيْضًا لِشُمُولِهِ الْعَاجِزِ عَنْ الْوَطْءِ بِنَحْوِ جَبٍّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَا يَصِحُّ إيلَاؤُهُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ قَصْدُ الْإِيذَاءِ بِالِامْتِنَاعِ، فَلَوْ قَالَ: يَصِحُّ طَلَاقُهُ مَعَ إمْكَانِ وَطْئِهِ لَكَانَ أَوْلَى
المتن: وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، بَلْ لَوْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا أَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوْ عِتْقٌ كَانَ مُولِيًا، وَلَوْ حَلَفَ أَجْنَبِيٌّ عَلَيْهِ فَيَمِينٌ مَحْضَةٌ، فَإِنْ نَكَحَهَا فَلَا إيلَاءَ
الشَّرْحُ: ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الْمَحْلُوفُ بِهِ فَقَالَ: (وَالْجَدِيدُ) وَوَصَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَظْهَرِ (أَنَّهُ) أَيْ الْإِيلَاءَ (لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ) تَعَالَى (بَلْ لَوْ عَلَّقَ بِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا) كَإِنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ أَوْ ضَرَّتُك طَالِقٌ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ (أَوْ) نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَأَنْ (قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوْ عِتْقٌ كَانَ مُولِيًا) لِأَنَّ مَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ بِالْوَطْءِ يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَيَتَحَقَّقُ الْإِضْرَارُ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى حَلِفًا فَتَنَاوَلَتْهُ الْآيَةُ، لِأَنَّ الْإِيلَاءَ هُوَ الْحَلِفُ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ: {لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ} تَنْبِيهٌ: أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِمَا ذَكَرَهُ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَلِفِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ غَيْرَ قُرْبَةٍ كَمَا سَبَقَ فِي تَعْلِيقِ الْإِيلَاءِ بِالطَّلَاقِ أَوْ قُرْبَةٍ كَهَذِهِ الْأَمْثِلَةِ، وَكَلَامُهُ هُنَا وَفِيمَا سَبَقَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَكُونُ بِغَيْرِ الْحَلِفِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الظِّهَارِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً مَثَلًا أَنَّهُ إيلَاءٌ مَعَ انْتِفَاءِ الْحَلِفِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْحَاكِمِينَ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ طَلَاقٌ، وَقَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ الْحُكْمَ دُونَ الصِّفَةِ بِقَوْلِهِ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} الْآيَةَ، وَالْيَمِينُ الْمَذْكُورَةُ يَمِينُ لَجَاجٍ، وَالْيَمِينُ بِصَوْمِ شَهْرِ الْوَطْءِ إيلَاءٌ كَإِنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الشَّهْرِ الَّذِي أَطَأُ فِيهِ، فَإِذَا وَطِئَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ لَزِمَهُ مُقْتَضَى الْيَمِينِ وَيَجْزِيهِ صَوْمُ بَقِيَتْهُ وَيَقْضِي يَوْمَ الْوَطْءِ، وَلَيْسَ الْيَمِينُ بِصَوْمِ هَذَا الشَّهْرِ إيلَاءٌ، وَلَا بِصَوْمِ هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا إنْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ شَرَعَ فِي مُحْتَرَزِ قَوْلِهِ حَلَفَ زَوْجٌ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ حَلَفَ أَجْنَبِيٌّ عَلَيْهِ) أَيْ تَرْكِ الْوَطْءِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ، وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ (فَيَمِينٌ مَحْضَةٌ) أَيْ خَالِصَةٌ مِنْ شَائِبَةِ حُكْمِ الْإِيلَاءِ (فَإِنْ نَكَحَهَا) أَيْ الْأَجْنَبِيَّةَ بَعْدَ الْحَلِفِ (فَلَا إيلَاءَ) بِحَلِفِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُضْرَبُ لَهُ مُدَّةٌ، فَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَحُكْمُ السَّيِّدِ كَمَا تَقَدَّمَ كَالْأَجْنَبِيِّ، فَلَوْ قَالَ كَالْمُحَرَّرِ وَلَوْ حَلَفَ غَيْرُ الزَّوْجِ لَشَمِلَ ذَلِكَ
المتن: وَلَوْ آلَى مِنْ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاءَ، أَوْ آلَى مَجْبُوبٌ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ
الشَّرْحُ: ثُمَّ شَرَعَ فِي شَرْطِ الزَّوْجَةِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ آلَى مِنْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ) وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُمَا فِي خِيَارِ النِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ الْإِيلَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ قَصْدُ الْإِيذَاءِ وَالْإِضْرَارِ لِامْتِنَاعِ الْأَمْرِ فِي نَفْسِهِ تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ تَمْثِيلُهُ بِالْمَانِعِ الْحِسِّيِّ صِحَّةَ الْإِيلَاءِ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالْمُضْنَاةُ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَلَكِنْ لَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ احْتِمَالِهِمَا الْوَطْءَ ثُمَّ شَرَعَ فِي مُحْتَرَزِ كَوْنِ الزَّوْجِ يُمْكِنُ وَطْؤُهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ آلَى مَجْبُوبٌ) أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ كُلِّهِ، وَكَذَا إنْ بَقِيَ مِنْهُ دُونَ الْحَشَفَةِ (لَمْ يَصِحَّ) إيلَاؤُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِمَا مَرَّ، وَقِيلَ: يَصِحُّ فِيهِمَا لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَمَجْمُوعُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ أَصَحُّهَا قَوْلَانِ، وَالثَّانِيَةُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ وَالثَّالِثَةُ: الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ أَمَّا مَنْ جُبَّ ذَكَرُهُ وَبَقِيَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ فَيَصِحُّ إيلَاؤُهُ لِإِمْكَانِ وَطْئِهِ، وَالْأَشَلُّ، كَالْمَجْبُوبِ أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الْوَطْءِ لِمَرَضٍ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: وَمِنْهُ الْعِنِّينُ، فَيَصِحُّ إيلَاؤُهُ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ مَرْجُوٌّ تَنْبِيهٌ: صُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ الْوَطْءِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِيلَاءِ، فَلَوْ طَرَأَ بَعْدَهُ لَمْ يَبْطُلْ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَارِضٌ وَكَانَ قَدْ قَصَدَ الْإِيلَاءَ
المتن: وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَهَكَذَا مِرَارًا فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْأَصَحِّ
الشَّرْحُ: (وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَ) سَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا أَمْ قَالَ (هَكَذَا مِرَارًا فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ فَائِدَةِ الْإِيلَاءِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِمُوجِبِهِ فِي ذَلِكَ إذْ بَعْدَ مُدَّةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا تُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِمُوجِبِ الْيَمِينِ الْأُولَى لِانْحِلَالِهَا، وَلَا بِمُوجِبِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْمُهْلَةِ مِنْ وَقْتِ انْعِقَادِهَا وَبَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الثَّانِيَةِ يُقَالُ فِيهِ كَذَلِكَ وَهَكَذَا الْآخَرُ حَلَفَهُ وَالثَّانِي: هُوَ مُولٍ لِتَحَقُّقِ الضَّرَرِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَأْثَمُ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ، لَكِنَّ إثْمَ الْإِيذَاءِ إثْمُ الْإِيلَاءِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: فَكَأَنَّهُ دُونَ إثْمِ الْمُولِي، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ يُقْدَرُ فِيهِ عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ لَا دَفْعَ لَهُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ بِالْوَطْءِ. تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ: فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ أَنَّ مَحِلَّ الْوَجْهَيْنِ إذَا أَعَادَ حَرْفَ الْقَسَمِ، فَإِذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَلَا أَطَؤُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كَانَ مُولِيًا قَطْعًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ: لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَيْضًا أَنَّ مَحِلَّ الْخِلَافِ إذَا وَصَلَ الْيَمِينَ بِالْيَمِينِ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مَرَّةً ثُمَّ لَمَّا مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ أَعَادَ الْيَمِينَ وَهَكَذَا مِرَارًا فَلَا يَكُونُ مُولِيًا قَطْعًا؛ وَقَوْلُهُ: وَهَكَذَا لَيْسَ بِقَيْدٍ لِإِجْرَاءِ الْخِلَافِ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا قَدَّرْته؛ فَإِنَّ الْخِلَافَ جَارٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: مِرَارًا، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ قَالَهُ مِرَارًا كَانَ أَوْلَى لِكَوْنِهِ نَصَّ عَلَى الصُّورَتَيْنِ
المتن: وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك سَنَةً فَإِيلَاءَانِ لِكُلٍّ حُكْمُهُ
الشَّرْحُ: (وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك سَنَةً) بِالنُّونِ (فَإِيلَاءَانِ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (حُكْمُهُ) فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ بِمُوجِبِ الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ، فَإِنْ فَاءَ انْحَلَّتْ، فَإِنْ أَخَّرَتْ حَتَّى مَضَى الْخَامِسُ دَخَلَ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ الثَّانِي فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْهَا بِمُوجِبِهِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ تُطَالِبْ فِي الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ الْخَامِسُ مِنْهُ فَلَا مُطَالَبَةَ بِهِ سَوَاءٌ أَتَرَكَتْ حَقَّهَا أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ لِانْحِلَالِهِ، كَمَا لَوْ أَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةَ فِي الثَّانِي حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ سَنَةً مُوَافِقٌ لِلشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَفِي الْمُحَرَّرِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ، وَلَكِنْ كَانَ الْأَوْلَى مُوَافَقَةَ أَصْلِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَقْرَأَ الْمَتْنَ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقَ فَيُوَافِقُ أَصْلَهُ، لَكِنَّ نُسْخَةَ الْمُصَنِّفِ بِالنُّونِ، وَلَوْ أَتَى بِالْيَمِينَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ: فَإِنْ مَضَتْ تَدَاخَلَتَا وَانْحَلَّتَا بِوَطْءٍ وَاحِدٍ
المتن: وَلَوْ قَيَّدَ بِمُسْتَبْعَدِ الْحُصُولِ فِي الْأَرْبَعَةِ كَنُزُولِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُولٍ، وَإِنْ ظَنَّ حُصُولَهُ قَبْلَهَا فَلَا، وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي الْأَصَحِّ
الشَّرْحُ: (وَلَوْ قَيَّدَ) الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ (بِمُسْتَبْعَدِ الْحُصُولِ) فِي الِاعْتِقَادَاتِ (فِي الْأَرْبَعَةِ) أَشْهُرٍ (كَنُزُولِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَخُرُوجِ الدَّجَّالِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا (فَمُولٍ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأْخِيرُ ذَلِكَ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ تَنْبِيهٌ: فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ عُلِّقَ بِمُحَقَّقِ الْمَنْعِ كَصُعُودِ السَّمَاءِ كَانَ مُولِيًا، وَهُوَ مَا قَطَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمَحِلُّ التَّعْلِيقِ بِنُزُولِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَانَ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ خُرُوجِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِهِ وَكَانَ بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِاعْتِبَارِ الْأَيَّامِ الْمَعْهُودَةِ فَمُولٍ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ بَيْنَ خُرُوجِهِ، وَنُزُولِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ أَيَّامِهِ كَسَنَةٍ، وَالثَّانِي كَشَهْرٍ، وَالثَّالِثُ كَجُمُعَةٍ، وَالْبَاقِي كَالْأَيَّامِ الْمَعْهُودَةِ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي كَسَنَةٍ يَكْفِينَا فِي صَلَاةِ يَوْمٍ فَقَالَ: {لَا، اُقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ} وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْمَوَاقِيتِ (وَإِنْ ظَنَّ حُصُولَهُ) أَيْ الْمُقَيَّدِ بِهِ (قَبْلَهَا) أَيْ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ كَقَوْلِهِ فِي وَقْتِ غَلَبَةِ الْأَمْطَارِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى يَنْزِلَ الْمَطَرُ (فَلَا) يَكُونُ مُولِيًا وَإِنَّمَا هُوَ عَقْدُ يَمِينٍ تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ مُحَقَّقَ الْحُصُولِ كَذُبُولِ الْبَقْلِ وَجَفَافِ الثَّوْبِ أَوْلَى بِعَدَمِ الْإِيلَاءِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ (وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي الْأَصَحِّ) فِي حُصُولِ الْمُسْتَبْعَدِ قَبْلَ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا فِي الْحَالِ، فَلَوْ مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ وَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ بِهِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا لَا يَكُونُ مُولِيًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَصْدُ الْمُضَارَّةِ أَوَّلًا، وَأَحْكَامُ الْإِيلَاءِ مَنُوطَةٌ بِهِ لَا بِمُجَرَّدِ الضَّرَرِ، وَلِهَذَا لَوْ امْتَنَعَ بِلَا يَمِينٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، وَلَوْ قُيِّدَ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَانَ مُولِيًا كَمَا مَرَّ، وَكَذَا بِمَوْتِ أَجْنَبِيٍّ خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّنْبِيهِ، وَلَوْ قُيِّدَ بِقُدُومِ زَيْدٍ وَالْمَسَافَةُ بَعِيدَةٌ وَقَالَ: ظَنَنْت قُرْبَهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُك وَقَالَ: أَرَدْت شَهْرًا أَوْ نَحْوَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ
المتن: وَلَفْظُهُ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ، فَمِنْ صَرِيحِهِ تَغْيِيبُ ذَكَرٍ بِفَرْجٍ وَوَطْءٌ وَجِمَاعٌ وَافْتِضَاضُ بِكْرٍ، وَالْجَدِيدُ أَنَّ مُلَامَسَةً وَمُبَاضَعَةً وَمُبَاشَرَةً وَإِتْيَانًا وَغَشْيَانًا وَقِرْبَانًا وَنَحْوِهَا كِنَايَاتٌ
الشَّرْحُ: ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ تَرْكُ الْجِمَاعِ لَا غَيْرُ فَقَالَ: (وَلَفْظُهُ) أَيْ الدَّالُّ عَلَيْهِ قِسْمَانِ (صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ، فَمِنْ صَرِيحِهِ) مَهْجُوُّ ا ل ن ي ك، وَ (تَغْيِيبُ) أَيْ إدْخَالُ (ذَكَرٍ) أَوْ حَشَفَتِهِ (بِفَرْجٍ) أَيْ فِيهِ (وَوَطْءٌ وَجِمَاعٌ) وَإِصَابَةٌ (وَافْتِضَاضُ بِكْرٍ) وَهِيَ إزَالَةُ قِصَّتِهَا بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ بَكَارَتِهَا: كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُغَيِّبُ، أَوْ لَا أُدْخِلُ، أَوْ لَا أُولِجُ ذَكَرِي أَوْ حَشَفَتِي فِي فَرْجِك، أَوْ لَا أَطَؤُكِ، أَوْ لَا أُجَامِعُك، أَوْ لَا أَصَبْتُكِ أَوْ لَا أَفْتَضُّك بِالْقَافِ أَوْ بِالْفَاءِ وَهِيَ بِكْرٌ، وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَقْيِيدَ هَذِهِ بِمَنْ لَمْ تَكُنْ غَوْرَاءَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ، وَهِيَ الَّتِي بَكَارَتُهَا فِي صَدْرِ فَرْجِهَا وَعَلِمَ حَالَهَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا لِإِمْكَانِ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ بِغَيْرِ افْتِضَاضٍ وَحَقُّهَا إنَّمَا هُوَ فِي ذَلِكَ قَالَ: إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفَيْئَةُ فِي حَقِّ الْبِكْرِ تُخَالِفُهَا فِي حَقِّ الثَّيِّبِ كَمَا يُفْهِمُهُ إيرَادُ الْقَاضِي وَالنَّصُّ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا سَيَأْتِي وَيَدِينُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ أَنْ ذَكَرَ مُحْتَمَلًا وَلَمْ يَقُلْ بِذَكَرِي أَوْ بِحَشَفَتِي كَأَنْ يُرِيدَ بِالْوَطْءِ الْوَطْءَ بِالْقَدَمِ، وَبِالْجِمَاعِ الِاجْتِمَاعَ، وَبِالْأَخِيرَيْنِ الْإِصَابَةُ وَالِافْتِضَاضَ بِغَيْرِ الذَّكَرِ تَنْبِيهٌ: كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى تَغْيِيبِ الذَّكَرِ وَغَيَّبَهَا فَقَطْ لَمْ يَحْنَثْ مَعَ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُغَيِّبُ كُلَّ الذَّكَرِ أَوْ لَا يَسْتَوْفِي الْإِيلَاجَ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا بِخِلَافِ لَا أُغَيِّبُ كُلَّ الْحَشَفَةِ (وَالْجَدِيدُ أَنَّ مُلَامَسَةً وَمُبَاضَعَةً وَمُبَاشَرَةً وَإِتْيَانًا وَغَشْيَانًا وَقِرْبَانًا) بِكَسْرِ الْقَافِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا (وَنَحْوُهَا) كَإِفْضَاءٍ وَمَسٍّ وَدُخُولٍ كَوَاللَّهِ لَا أُفْضِي إلَيْكِ أَوْ لَا أَمَسُّك أَوْ لَا أَدْخُلُ بِك (كِنَايَاتٌ) تَفْتَقِرُ لِنِيَّةِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ لَهَا حَقَائِقَ غَيْرَ الْوَطْءِ وَلَمْ تَشْتَهِرْ فِيهِ اشْتِهَارَ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهَا صَرَائِحُ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِيهِ فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ، وَأَرَادَ الْجِمَاعَ فِي الدُّبُرِ أَوْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ بِدُونِ الْحَشَفَةِ كَانَ مُولِيًا، وَإِنْ أَرَادَ الْجِمَاعَ الضَّعِيفَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِأَنَّ ضَعِيفَ الْجِمَاعِ كَقَوِيِّهِ فِي الْحُكْمِ، وَالْأَصْلُ فِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا عَدَمُ الْحَلِفِ عَلَى الْحَالِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مُولِيًا، وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ عَنْك وَأَرَادَ تَرْكَ الْغُسْلِ دُونَ الْجِمَاعِ أَوْ ذَكَرَ أَمْرًا مُحْتَمَلًا كَأَنْ لَا يَمْكُثَ بَعْدَ الْوَطْءِ حَتَّى يُنْزِلَ وَاعْتَقَدَ أَنَّ الْوَطْءَ بِلَا إنْزَالٍ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، أَوْ أَرَادَ أَنِّي أُجَامِعُهَا بَعْدَ جِمَاعِ غَيْرِهَا لِيَكُونَ الْغُسْلُ عَنْ الْأُولَى لِحُصُولِ الْجَنَابَةِ بِهَا قُبِلَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا، وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ فَرْجَك أَوْ لَا أُجَامِعُ نِصْفَك الْأَسْفَلَ كَانَ مُولِيًا بِخِلَافِ بَاقِي الْأَعْضَاءِ كَلَا أُجَامِعُ يَدَك أَوْ رِجْلَك أَوْ نِصْفَك الْأَعْلَى، أَوْ بَعْضَك أَوْ نِصْفَك لَمْ يَكُنْ مُولِيًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْبَعْضِ الْفَرْجَ، وَبِالنِّصْفِ النِّصْفَ الْأَسْفَلَ، وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَبْعُدَنَّ، أَوْ لَأَغِيبَنَّ عَنْك، أَوْ لَأَغِيظَنَّكِ أَوْ لَأَسُوأَنَّكِ كَانَ كِنَايَةً فِي الْجِمَاعِ وَالْمُدَّةُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا، وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَطْلُبَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِك أَوْ لَأَسُوأَنَّكِ فِيهِ كَانَ صَرِيحًا فِي الْجِمَاعِ كِنَايَةً فِي الْمُدَّةِ، وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ رَأْسَانَا عَلَى وِسَادَةٍ أَوْ تَحْتَ سَقْفِ كَانَ كِنَايَةً، إذْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْجِمَاعِ اجْتِمَاعُ رَأْسَيْهِمَا عَلَى وِسَادَةٍ أَوْ تَحْتَ سَقْفٍ
المتن: وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ زَالَ الْإِيلَاءُ، وَلَوْ قَالَ فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَكَانَ ظَاهَرَ فَمُولٍ، وَإِلَّا فَلَا ظِهَارَ وَلَا إيلَاءَ بَاطِنًا، وَيُحْكَمُ بِهِمَا ظَاهِرًا، وَلَوْ قَالَ عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرْت فَلَيْسَ بِمُولٍ حَتَّى يُظَاهِرَ، أَوْ إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَمُولٍ، فَإِنْ وَطِئَ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ وَزَالَ الْإِيلَاءُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ فَإِنْ جَامَعَ ثَلَاثًا فَمُولٍ مِنْ الرَّابِعَةِ، فَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ قَبْلَ وَطْءٍ زَالَ الْإِيلَاءُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَمُولٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُ إلَى سَنَةٍ إلَّا مَرَّةً فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ فِي الْأَظْهَرِ، فَإِنْ وَطِئَ وَبَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَمُولٍ
الشَّرْحُ: (وَلَوْ قَالَ) عَلَى الْجَدِيدِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَأَغْفَلَهُ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ مِنْ أَنَّ الْحَلِفَ لَا يَخْتَصُّ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ (إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ) بِمَوْتٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (زَالَ الْإِيلَاءُ) لِعَدَمِ تَرَتُّبِ شَيْءٍ عَلَى وَطْئِهِ حِينَئِذٍ تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَعُودُ الْإِيلَاءُ إذَا عَادَ إلَى مِلْكِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمَا فِيهِ قَوْلًا عَوْدِ الْحِنْثِ، وَلَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ قَالَ: فَأَمَتِي حُرَّةٌ ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا لَمْ يَزُلْ الْإِيلَاءُ (وَلَوْ قَالَ) عَلَى الْجَدِيدِ إنْ وَطِئْتُك (فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَكَانَ) قَدْ (ظَاهَرَ) وَعَادَ قَبْلَ ذَلِكَ (فَمُولٍ) لِأَنَّهُ وَإِنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فَعَتَقَ ذَلِكَ الْعَبْدُ بِعَيْنِهِ، وَتَعْجِيلُ الْعِتْقِ زِيَادَةٌ الْتَزَمَهَا بِالْوَطْءِ وَذَلِكَ مُشِقٌّ فَصَارَ كَالْتِزَامِ أَصْلِ الْعِتْقِ، ثُمَّ إذَا وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا عَتَقَ الْعَبْدُ عَنْ ظِهَارِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهَرَ قَبْلَ ذَلِكَ (فَلَا ظِهَارَ وَلَا إيلَاءَ بَاطِنًا) أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا عَدَمُ الظِّهَارِ فَلِكَذِبِهِ فِي كَوْنِهِ مُظَاهِرًا، وَأَمَّا عَدَمُ الْإِيلَاءِ فَلِأَنَّهُ عَلَّقَ عَلَى الْوَطْءِ عِتْقًا عَنْ الظِّهَارِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا ظِهَارَ فَلَا عِتْقَ إذَا لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا الْعِتْقُ (وَ) لَكِنْ (يُحْكَمُ بِهِمَا ظَاهِرًا) لِإِقْرَارِهِ بِالظِّهَارِ، فَإِذَا وَطِئَ عَتَقَ الْعَبْدُ عَنْ الظِّهَارِ (وَلَوْ قَالَ) عَلَى الْجَدِيدِ أَيْضًا: إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ (عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرْت فَلَيْسَ بِمُولٍ) فِي الْحَالِ، بَلْ (حَتَّى يُظَاهِرَ) فَإِذَا ظَاهَرَ صَارَ مُولِيًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُعْتَقُ لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ الظِّهَارِ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِالظِّهَارِ مَعَ الْوَطْءِ فَلَا يَنَالُهُ مَحْذُورٌ، فَإِذَا ظَاهَرَ صَارَ مُولِيًا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَحْصُلُ حِينَئِذٍ لَوْ وَطِئَ، فَإِنْ وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا عَتَقَ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ لِتَقَدُّمِ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ وَالْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الظِّهَارِ بِلَفْظٍ يُوجَدُ بَعْدَهُ تَنْبِيهٌ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ إذَا عُلِّقَ بِشَرْطَيْنِ بِغَيْرِ عَطْفِ، فَإِنْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ عَلَيْهِمَا أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُمَا اُعْتُبِرَ فِي حُصُولِ الْمُعَلَّقِ وُجُودُ الشَّرْطِ الثَّانِي قَبْلَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا كَمَا صَوَّرُوا هُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الثَّانِي تَعَلَّقَ بِالْأَوَّلِ فَلَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ إذَا تَقَدَّمَ الْوَطْءُ أَوْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْأَوَّلُ تَعَلَّقَ بِالثَّانِي عَتَقَ، ا هـ. فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ قَالَ: مَا أَرَدْت شَيْئًا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا إيلَاءَ مُطْلَقًا وَكَتَقَدُّمِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فِيمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مُقَارَنَتُهُ لَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ (أَوْ) قَالَ عَلَى الْجَدِيدِ (إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَمُولٍ) مِنْ الْمُخَاطَبَةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ مِنْ طَلَاقِ الضَّرَّةِ عِنْدَ الْوَطْءِ، نَعَمْ لَوْ عَبَّرَ بِصِيغَةِ الْتِزَامٍ كَقَوْلِهِ: إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ طَلَاقُ ضَرَّتِك أَوْ طَلَاقُك لَا يَكُونُ مُولِيًا: قَالَهُ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْكَلَامِ عَلَى انْعِقَادِ الْإِيلَاءِ بِغَيْرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصِّيغَةِ شَيْءٌ (فَإِنْ وَطِئَ) الْمُخَاطَبَةَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا (طَلُقَتْ الضَّرَّةُ) لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ طَلَاقُهَا (وَزَالَ) أَيْ انْحَلَّ (الْإِيلَاءُ) إذْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِوَطْئِهَا بَعْدَ ذَلِكَ (فُرُوعٌ) لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا وَعَلَيْهِ النَّزْعُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حِينَئِذٍ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ وَالنَّزْعُ بَعْدَ الطَّلَاقِ تَرْكٌ لِلْوَطْءِ وَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وُجُوبُ النَّزْعِ عَيْنًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ بَائِنًا، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَالْوَاجِبُ النَّزْعُ أَوْ الرَّجْعَةُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ اسْتَدَامَ الْوَطْءُ وَلَوْ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ ابْتِدَاءً وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ أَيْضًا لِأَنَّ وَطْأَهُ وَقَعَ فِي النِّكَاحِ وَإِنْ نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ فَإِنْ كَانَ تَعْلِيقُ الْوَطْءِ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ نُظِرَ، فَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ فَوَطْءُ شُبْهَةٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَهَا الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ عَلِمَاهُ فَزِنًا، وَإِنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْوَطْءِ أَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ دُونَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا أَوْ هِيَ دُونَهُ وَقَدَرَتْ عَلَى الدَّفْعِ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ وَلَا مَهْرَ لَهَا (وَالْأَظْهَرُ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ (أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ إلَّا بِوَطْءِ الْجَمِيعِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ جَمَاعَةً فَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ وَطْءِ ثَلَاثٍ بِلَا شَيْءٍ يَلْحَقُهُ (فَإِنْ جَامَعَ ثَلَاثًا) مِنْهُنَّ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ (فَمُولٍ مِنْ الرَّابِعَةِ) لِتَعَلُّقِ الْحِنْثِ بِوَطْئِهَا (فَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ قَبْلَ وَطْءٍ زَالَ) أَيْ انْحَلَّ. (الْإِيلَاءُ) لِتَعَذُّرِ الْحِنْثِ بِوَطْءِ مَنْ بَقِيَ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَصَوُّرِ الْإِيلَاجِ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَطْءِ يَقَعُ مُطْلَقُهُ عَلَى مَا فِي الْحَيَاةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ وَطْءٍ مَا لَوْ مَاتَتْ بَعْدَ وَطْئِهَا وَقَبْلَ وَطْءِ الْأُخْرَيَاتِ فَلَا يَزُولُ الْإِيلَاءُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ مُولٍ مِنْ الْأَرْبَعِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ يَقْرَبُ مِنْ الْحِنْثِ الْمَحْذُورِ وَالْقَرِيبُ مِنْ الْمَحْذُورِ مَحْذُورٌ (وَلَوْ قَالَ) لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ ( لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَمُولٍ) حَالًا (مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ بِمُفْرَدِهَا كَمَا لَوْ أَفْرَدَهَا بِالْإِيلَاءِ، فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ فَلِكُلٍّ مُطَالَبَتُهُ تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ وَاحِدَةٍ لَا يَرْتَفِعُ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ، وَهُوَ وَجْهٌ رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ انْحِلَالُ الْيَمِينِ وَزَوَالُ الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ وَاحِدَةً وَقَدْ وَطِئَ، وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ تَخْصِيصَ كُلٍّ مِنْهُنَّ بِالْإِيلَاءِ، فَالْوَجْهُ عَدَمُ الِانْحِلَالِ وَإِلَّا فَلْيَكُنْ كَقَوْلِهِ: لَا أُجَامِعُكُنَّ، فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِوَطْءِ الْجَمِيعِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْحَلِفَ الْوَاحِدَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحِنْثِ بِأَيِّ وَاحِدٍ وَقَعَ لَا تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ بِالْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ، وَلَا يَتَبَعَّضُ فِيهَا الْحِنْثُ، وَمَتَى حَصَلَ فِيهَا حِنْثٌ حَصَلَ الِانْحِلَالُ، وَبَقِيَ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ: لَا أُجَامِعُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ، فَإِنْ أَرَادَ الِامْتِنَاعَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَمُولٍ مِنْهُنَّ أَوْ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُعَيَّنَةٍ فَمُولٍ مِنْهَا فَقَطْ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي إرَادَتِهَا، وَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مُبْهَمَةً كَانَ مُولِيًا مِنْ إحْدَاهُنَّ وَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ، فَإِنْ عَيَّنَ كَانَ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ أَطْلَقَ اللَّفْظَ وَلَمْ يَنْوِ تَعْمِيمًا وَلَا تَخْصِيصًا حُمِلَ عَلَى التَّعْمِيمِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَلَوْ قَالَ): وَاَللَّهِ لَا (أُجَامِعُكِ) سَنَةً أَوْ (إلَى سَنَةٍ إلَّا مَرَّةً) أَوْ يَوْمًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ فِي الْأَظْهَرِ) الْجَدِيدِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ بِمَا ذَكَرَ شَيْءٌ لِاسْتِثْنَائِهِ (فَإِنْ وَطِئَ وَ) قَدْ (بَقِيَ مِنْهَا) أَيْ السَّنَةِ (أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَمُولٍ) مِنْ حِينَئِذٍ لِحُصُولِ الْحِنْثِ بِالْوَطْءِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ بَقِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَمَا دُونَهَا فَلَيْسَ بِمُولٍ بَلْ حَالِفٌ فَقَطْ وَالثَّانِي: هُوَ مُولٍ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ بِالْوَطْءِ مَرَّةً يَقْرَبُ مِنْ الْحِنْثِ، وَعَلَى هَذَا يُطَالَبُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَإِنْ وَطِئَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَطْأَةَ الْوَاحِدَةَ مُسْتَثْنَاةٌ، وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ ثَانِيًا إنْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ مَضَتْ سَنَةٌ وَلَمْ يَطَأْ انْحِلَالَ الْإِيلَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي أَنْ يَفْعَلَ مَرَّةً، أَوْ لَا؟ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَنْعُ الزِّيَادَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ الثَّانِي، وَلَوْ قَالَ: السَّنَةُ بِالتَّعْرِيفِ اقْتَضَى الْحَاضِرَةَ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ وَطْئِهِ الْعَدَدَ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ كَانَ مُولِيًا وَإِلَّا فَلَا فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَصَبْتُك إنْ شِئْت وَأَرَادَ إنْ شِئْت الْجِمَاعَ أَوْ الْإِيلَاءَ فَقَالَتْ فِي الْحَالِ: شِئْت صَارَ مُولِيًا لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِنْ أَخَّرَتْ فَلَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْخِطَابَ يَسْتَدْعِي جَوَابَهَا فَوْرًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مَتَى شِئْت أَوْ نَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ وَإِنْ أَرَادَ إنْ شِئْت أَنْ لَا أُجَامِعَك فَلَا إيلَاءَ إذْ مَعْنَاهُ لَا أُجَامِعُك إلَّا بِرِضَاك، وَهِيَ إذَا رَضِيَتْ فَوَطِئَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ الْمَشِيئَةَ حَمْلًا عَلَى مَشِيئَةِ عَدَمِ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ، وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَصَبْتُك إلَّا أَنْ تَشَائِي أَوْ مَا لَمْ تَشَائِي وَأَرَادَ التَّعْلِيقَ لِلْإِيلَاءِ أَوْ الِاسْتِثْنَاءَ عَنْهُ فَمُولٍ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ وَعَلَّقَ رَفْعَ الْيَمِينِ بِالْمَشِيئَةِ، فَإِنْ شَاءَتْ الْإِصَابَةَ فَوْرًا انْحَلَّ الْإِيلَاءُ، وَإِلَّا فَلَا يَنْحَلُّ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَصَبْتُك حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ، فَإِنْ شَاءَتْ الْإِصَابَةَ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِنْ لَمْ يَشَأْهَا صَارَ مُولِيًا بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ لِلْيَأْسِ مِنْهَا لَا بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ لِعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الْمَشِيئَةِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ قَبْلَهُ لِشَهْرٍ وَمَضَى شَهْرٌ صَارَ مُولِيًا، إذْ لَوْ جَامَعَهَا قَبْلَ مُضِيِّهِ لَمْ يَحْصُلْ الْعِتْقُ لِتَعَذُّرِ تَقَدُّمِهِ عَلَى اللَّفْظِ وَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ، فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَدْ بَاعَ الْعَبْدَ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ انْحَلَّ الْإِيلَاءُ لِعَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ بِالْوَطْءِ حِينَئِذٍ لِتَقَدُّمِ الْبَيْعِ عَلَى وَقْتِ الْعِتْقِ أَوْ مُقَارَنَتِهِ لَهُ، وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ بِدُونِ شَهْرٍ مِنْ الْبَيْعِ تَبَيَّنَ عِتْقُهُ قَبْلَ الْوَطْءِ بِشَهْرٍ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ بَيْعِهِ، وَفِي مَعْنَى بَيْعِهِ كُلُّ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ مِنْ مَوْتٍ وَهِبَةٍ وَغَيْرِهِمَا
المتن: يُمْهَلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِيلَاءِ بِلَا قَاضٍ، وَفِي رَجْعِيَّةٍ مِنْ الرَّجْعَةِ وَلَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ دُخُولٍ فِي الْمُدَّةِ انْقَطَعَتْ، فَإِذَا أَسْلَمَ اُسْتُؤْنِفَتْ
الشَّرْحُ: (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ مَنْ ضَرَبَ مُدَّةً وَغَيْرُهُ (يُمْهَلُ) الْمُولِي وُجُوبًا (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) سَوَاءٌ الْحُرُّ وَالرَّقِيقُ فِي الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّة شُرِعَتْ لِأَمْرٍ جِبِلِّيٍّ وَهُوَ قِلَّةُ الصَّبْرِ عَنْ الزَّوْجِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِبِلَّةِ وَالطَّبْعُ لَا يَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ كَمَا فِي مُدَّةِ الْعُنَّةَ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: وَهَذِهِ الْمُدَّةُ حَقُّ الزَّوْجِ كَالْأَجَلِ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ حَقُّ الْمَدِينِ، وَابْتِدَاؤُهَا (مِنْ) حِينِ (الْإِيلَاءِ) فِي غَيْرِ مَا يَأْتِي لَا مِنْ وَقْتِ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ مُولٍ مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ، وَ (بِلَا قَاضٍ) لِثُبُوتِهِ بِالْآيَةِ السَّابِقَةِ، بِخِلَافِ مُدَّةِ الْعِنِّينِ لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ قَبْلَ وَطْئِي بِشَهْرٍ فَإِنَّ الْمُدَّةَ لَا تُحْسَبُ مِنْ الْإِيلَاءِ بَلْ إنْ مَضَى شَهْرٌ وَلَمْ يَطَأْ ضُرِبَتْ وَطُولِبَ فِي الشَّهْرِ السَّادِسِ مِنْ الْيَمِينِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لَأَنْ لَوْ وَطِئَ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ لَمْ يُعْتَقْ (وَ) ابْتِدَاؤُهَا (فِي رَجْعِيَّةٍ) آلَى مِنْهَا (مِنْ) حِينِ (الرَّجْعَةِ) لَا مِنْ حِينِ الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ شُرِعَتْ لِلْمُهْلَةِ فِي وَقْتٍ يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ، وَفِي الْعِدَّةِ لَا يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ آلَى مِنْ زَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَإِنَّ الْمُدَّةَ تَنْقَطِعُ لِجَرَيَانِهَا إلَى الْبَيْنُونَةِ، فَإِذَا رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّ الْإِضْرَارَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالِامْتِنَاعِ الْمُتَوَالِي فِي نِكَاحٍ سَلِيمٍ، وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ (وَلَوْ ارْتَدَّ) الزَّوْجَانِ أَوْ (أَحَدُهُمَا بَعْدَ دُخُولٍ) وَبَعْدَ الْمُدَّةِ لَغَتْ، أَوْ (فِي الْمُدَّةِ) أَيْ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ (انْقَطَعَتْ) فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الرِّدَّةِ مِنْهَا لِاخْتِلَالِ النِّكَاحِ بِهَا (فَإِذَا أَسْلَمَ) الْمُرْتَدُّ فِي الصُّورَتَيْنِ (اُسْتُؤْنِفَتْ) أَيْ الْمُدَّةُ لِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِيهَا؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا مَنُوطٌ بِتَوَالِي الضَّرَرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَلَمْ تُوجَدْ تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ الِاسْتِئْنَافِ إذَا كَانَتْ، الْيَمِينُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ مُطْلَقًا، أَوْ كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْيَمِينِ مَا يَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِئْنَافِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: بَعْدَ دُخُولٍ أَيْ أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيِّ الزَّوْجِ الْمُحْتَرَمِ عَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّ النِّكَاحَ يَنْقَطِعُ لَا مَحَالَةَ، وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ الْعِدَّةَ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَبِالرِّدَّةِ فِي مَنْعِ الِاحْتِسَابِ وَوُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ عِنْدَ انْقِضَائِهَا
المتن: وَمَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ وَلَمْ يُخِلَّ بِنِكَاحٍ إنْ وُجِدَ فِيهِ لَمْ يَمْنَعْ الْمُدَّةَ كَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ وَمَرَضٍ وَجُنُونٍ، أَوْ فِيهَا وَهُوَ حِسِّيٌّ كَصِغَرٍ وَمَرَضٍ مَنَعَ، وَإِنْ حَدَثَ فِي الْمُدَّةِ قَطَعَهَا فَإِذَا زَالَ اُسْتُؤْنِفَتْ، وَقِيلَ تُبْنَى، أَوْ شَرْعِيٌّ كَحَيْضٍ وَصَوْمِ نَفْلٍ فَلَا، وَيَمْنَعُ فَرْضٌ فِي الْأَصَحِّ فَإِنْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ، وَإِلَّا فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِأَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ وَلَوْ تَرَكَتْ حَقَّهَا فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهُ.
الشَّرْحُ: (وَ) كُلُّ (مَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ وَلَمْ يُخِلَّ بِنِكَاحٍ إنْ وُجِدَ فِيهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لَمْ يَمْنَعْ الْمُدَّةَ) أَيْ لَا يَقْطَعُ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ (كَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ) وَاعْتِكَافٍ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (وَمَرَضٍ وَجُنُونٍ) وَحَبْسٍ وَنَحْوِهِ فَيُحْسَبُ زَمَنُ كُلٍّ مِنْهَا مِنْ الْمُدَّةِ، سَوَاءٌ أَقَارَنَهَا أَمْ حَدَثَ فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ وَالْمَانِعُ مِنْهُ، وَلِهَذَا اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْإِيلَاءِ وَقَصْدُهُ الْمُضَارَّةِ تَنْبِيهٌ: أَشَارَ بِالْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ وَالْحِسِّيِّ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُخِلَّ بِمَقْصُودِهِ عَنْ الرِّدَّةِ وَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَقَدْ سَبَقَا (أَوْ) أَيْ وَإِنْ وُجِدَ مَانِعُ الْوَطْءِ (فِيهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (وَهُوَ حِسِّيٌّ كَصِغَرٍ وَمَرَضٍ) يُمْنَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْوَطْءَ (مَنَعَ) ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ، فَإِذَا زَالَ اُسْتُؤْنِفَتْ (وَإِنْ حَدَثَ) مَانِعٌ لِوَطْءٍ (فِي) أَثْنَاءِ (الْمُدَّةِ) كَنُشُوزِهَا فِيهَا (قَطَعَهَا) لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ مَعَهُ (فَإِذَا زَالَ) الْحَادِثُ (اُسْتُؤْنِفَتْ) الْمُدَّةُ، إذْ الْمُطَالَبَةُ مَشْرُوطَةٌ بِالْإِضْرَارِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةً وَلَمْ تُوجَدْ (وَقِيلَ: تُبْنَى) بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى مَا مَضَى وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ (أَوْ) وُجِدَ مَانِعُ الْوَطْءِ فِي الزَّوْجَةِ، وَهُوَ (شَرْعِيٌّ كَحَيْضٍ وَصَوْمِ نَفْلٍ فَلَا) يَمْنَعُ الْحَيْضُ جَزْمًا، وَلَا صَوْمُ النَّفْلِ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَقْطَعُهَا ذَلِكَ لَوْ حَدَثَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَا يَخْلُو عَنْهُ الشَّهْرُ غَالِبًا، فَلَوْ مَنَعَ لَامْتَنَعَ ضَرْبُ الْمُدَّةِ غَالِبًا، وَأَمَّا صَوْمُ النَّفْلِ فَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ وَطْئِهَا وَتَحْلِيلِهَا مِنْهُ تَنْبِيهٌ: قَدْ يُفْهَمُ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْحَيْضِ أَنَّ النِّفَاسَ يَمْنَعُ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَلَكِنْ الَّذِي صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَنَقَلَ تَصْحِيحَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ كَالْحَيْضِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِمُشَارَكَتِهِ لِلْحَيْضِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَهُ وَجْهٌ (وَيَمْنَعُ فَرْضٌ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ صَوْمُهُ بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَرَمَضَانَ وَقَضَائِهِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ فِيهِ مِنْ الْوَطْءِ، وَالثَّانِي: لَا؛ لِتَمَكُّنِهِ لَيْلًا تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي فَرْضِ الصَّوْمِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فَوْرِيًّا أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَرَاخِيَ كَصَوْمِ النَّفْلِ وَالِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ وَالْإِحْرَامِ وَلَوْ بِنَفْلٍ كَصَوْمِ الْفَرْضِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِتَخْصِيصِ الْجُرْجَانِيِّ الْإِحْرَامَ بِالْفَرْضِ (فَإِنْ وَطِئَ) الْمُولِي (فِي الْمُدَّةِ) انْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُطَالَبُ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَطَأْ فِيهَا (فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ) بَعْدَهَا (بِأَنْ يَفِيءَ) بِرُجُوعِهِ لِلْوَطْءِ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْهُ بِالْإِيلَاءِ (أَوْ يُطَلِّقَ) إنْ لَمْ يَفِئْ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَسُمِّيَ الْوَطْءُ فَيْئَةً مِنْ فَاءَ إذَا رَجَعَ؛ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ ثُمَّ رَجَعَ تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهَا تَرَدُّدُ الطَّلَبِ بَيْنَ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ وَهُوَ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِي مَوْضِعٍ، وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِظَاهِرِ النَّصِّ أَنَّهَا تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ، فَإِنْ لَمْ يَفِئْ طَالَبَتْهُ بِالطَّلَاقِ وَهَذَا أَوْجَهُ، وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي مَنْهَجِهِ (وَلَوْ تَرَكَتْ حَقَّهَا) بِسُكُوتِهَا عَنْ مُطَالَبَةِ الزَّوْجِ أَوْ بِإِسْقَاطِ الْمُطَالَبَةِ عَنْهُ (فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ) مَا لَمْ تَنْتَهِ مُدَّةِ الْيَمِينِ (بَعْدَهُ) أَيْ التَّرْكِ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ كَالرِّضَا بِإِعْسَارِهِ بِالنَّفَقَةِ، بِخِلَافِ الرِّضَا بِالْعُنَّةِ أَوْ الْعَيْبِ، فَإِنَّ ضَرَرَهُمَا فِي حُكْمِ خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ كَالرِّضَا بِالْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ تَنْبِيهٌ: مُقْتَضَى كَلَامِهِ اخْتِصَاصُ الْمُطَالَبَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِالزَّوْجَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ حَقُّهَا، وَيُنْتَظَرُ بُلُوغُ الْمُرَاهِقَةِ وَإِفَاقَةُ الْمَجْنُونَةِ، وَلَا يُطَالَبُ وَلِيُّهَا بِذَلِكَ بَلْ يُنْدَبُ تَخْوِيفُ الزَّوْجِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى
المتن: وَتَحْصُلُ الْفَيْئَةُ بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ بِقُبُلٍ، وَلَا مُطَالَبَةَ إنْ كَانَ بِهَا مَانِعُ وَطْءٍ كَحَيْضٍ وَمَرَضٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَانِعٌ طَبِيعِيٌّ كَمَرَضٍ طُولِبَ بِأَنْ يَقُولَ: إذَا قَدَرْت فِئْت: أَوْ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِطَلَاقٍ، فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ وَالطَّلَاقَ، فَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ طَلْقَةً، وَأَنَّهُ لَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةً، وَأَنَّهُ إذَا وَطِئَ بَعْدَ مُطَالَبَةٍ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
الشَّرْحُ: (وَتَحْصُلُ الْفَيْئَةُ) وَهِيَ الرُّجُوعُ لِلْوَطْءِ (بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) فَقَطْ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا، وَقَوْلُهُ (بِقُبُلٍ) مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ، فَلَا يَكْفِي تَغْيِيبُ مَا دُونَهَا بِهِ وَلَا تَغْيِيبُهَا بِدُبُرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ حُرْمَةِ الثَّانِي لَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ، نَعَمْ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي إيلَائِهِ بِالْقُبُلِ وَلَا نَوَاهُ بَلْ أَطْلَقَ انْحَلَّ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ، لَا بُدَّ فِي الْبِكْرِ مِنْ زَوَالِ بَكَارَتِهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ، غَوْرَاءَ فَرْعٌ: لَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْحَشَفَةَ أَوْ أَدْخَلَهَا هُوَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يَحْنَثْ، وَلَمْ تَجِبْ كَفَّارَةٌ، وَلَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ وَإِنْ حَصَلَتْ الْفَيْئَةُ وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ، أَمَّا عَدَمُ الْحِنْثِ وَعَدَمُ انْحِلَالِ الْيَمِينِ فَلِعَدَمِ فِعْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِدْخَالِ وَاخْتِلَالُهُ فِيمَا عَدَاهَا وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَلِعَدَمِ الْحِنْثِ وَأَمَّا ارْتِفَاعُ الْإِيلَاءِ فَلِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا وَانْدِفَاعِ ضَرَرِهَا كَمَا لَوْ رَدَّ الْمَجْنُونُ الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا، وَلِأَنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ كَالْعَاقِلِ فِي تَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَالتَّحْلِيلِ وَتَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ مِنْهُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ عَنْ الْحَيْضِ لِلْمُسْلِمِ دُونَ الْعِبَادَةِ، إذْ لَيْسَ لَهَا نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ وَتُضْرَبُ لَهُ الْمُدَّةُ ثَانِيًا لِبَقَاءِ الْيَمِينِ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْمُولِي بَعْدَ الْمُدَّةِ ثُمَّ رَاجَعَ تُضْرَبُ الْمُدَّةُ ثَانِيًا، فَلَوْ وَطِئَهَا فِي الْمُدَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ عَالِمًا عَامِدًا عَاقِلًا مُخْتَارًا حَنِثَ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ (وَلَا مُطَالَبَةَ) لِلزَّوْجِ بِالْفَيْئَةِ لَا قَوْلًا وَلَا فِعْلًا (إنْ كَانَ بِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مَانِعُ وَطْءٍ) وَهُوَ شَرْعِيٌّ أَوْ حِسِّيٌّ (كَحَيْضٍ) وَنِفَاسٍ وَإِحْرَامٍ (وَمَرَضٍ) لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مُتَعَذِّرٌ مِنْ جِهَتِهَا ، فَكَيْفَ تَطْلُبُهُ أَوْ تَطْلُبُ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَهُوَ الطَّلَاقُ، وَلِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ تَكُونُ بِالْمُسْتَحَقِّ، وَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّ الْوَطْءَ حِينَئِذٍ قَالَ فِي الْبَسِيطِ: وَالْعَجَبُ أَنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ الْمُطَالَبَةَ وَلَا يَمْنَعُ الْمُدَّةَ فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُمْ: طَلَاقُ الْمُولِي فِي الْحَيْضِ لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ يُشْكَلُ عَلَى قَوْلِهِمْ هُنَا: إنَّهُ يَمْنَعُ الْمُطَالَبَةَ. أُجِيبَ بِحَمْلِ الْمَذْكُور هُنَا عَلَى مَا إذَا تَقَدَّمَتْ الْمُطَالَبَةُ زَمَنَ النَّقَاءِ مِنْ الْحَيْضِ وَلَمْ يَفِئْ مَعَ تَمَكُّنِهِ حَتَّى طَرَأَ الْحَيْضُ فَإِنَّهُ لَا تَبْعُدُ مُطَالَبَتُهُ بِالطَّلَاقِ حِينَئِذٍ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ الزَّوْجِ (مَانِعٌ) مِنْ الْوَطْءِ وَهُوَ (طَبِيعِيٌّ كَمَرَضٍ) يَمْنَعُ الْوَطْءَ أَوْ يَخَافُ مِنْهُ زِيَادَةُ الْعِلَّةِ أَوْ بُطْءُ الْبُرْءِ (طُولِبَ) الزَّوْجُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ أَوْ بِالطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَفِئْ (بِأَنْ يَقُولَ: إذَا قَدَرْت فِئْت) أَوْ طَلَّقْت لِأَنَّ بِهِ يَنْدَفِعُ الْأَذَى الَّذِي حَصَلَ، بِاللِّسَانِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ كَانَ لَا يُرْجَى زَوَالُ عُذْرِهِ كَجَبٍّ طُولِبَ بِأَنْ يَقُولَ: لَوْ قَدَرْت فِئْت، وَلَا يَأْتِي بِإِذَا، وَزَادَ الْمَحَامِلِيُّ عَلَى ذَلِكَ: وَنَدِمْت عَلَى مَا كَانَ مِنِّي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّأْكِيدُ وَالِاسْتِحْبَابُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَلِهَذَا اقْتَصَرَ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْوَعْدِ (أَوْ) كَانَ فِي الزَّوْجِ مَانِعٌ (شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ) وَظِهَارٍ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَصَوْمِ وَاجِبٍ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِطَلَاقٍ) لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُمْكِنُهُ، وَلَا يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ، وَلَكِنْ يُقَالُ: إنْ فِئْت عَصَيْت وَأَفْسَدْت عِبَادَتَك، وَإِنْ طَلَّقْت ذَهَبَتْ زَوْجَتُك، وَإِنْ لَمْ تُطَلِّقْ طَلَّقْنَا عَلَيْك كَمَنْ غَصَبَ دَجَاجَةً وَلُؤْلُؤَةً فَابْتَلَعَتْهَا، يُقَالُ لَهُ: إنْ ذَبَحْتهَا غَرِمْتهَا وَإِلَّا غَرِمْت اللُّؤْلُؤَةَ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَوْ زَالَ الضَّرَرُ بَعْدَ فَيْئَةِ اللِّسَانِ طُولِبَ بِالْوَطْءِ تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا امْتَنَعَ امْتِنَاعًا كُلِّيًّا، فَإِنْ اسْتَمْهَلَ فِي الصَّوْمِ إلَى اللَّيْلِ، أَوْ كَانَ يَتَحَلَّلُ مِنْ إحْرَامِهِ عَنْ قُرْبٍ أَمْهَلْنَاهُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ فِي صُورَةِ الظِّهَارِ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أُكَفِّرَ لَمْ يُمْهَلْ إنْ كَانَ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ لِطُولِ مُدَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ يُكَفِّرُ بِالْعِتْقِ أَوْ الْإِطْعَامِ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَقِيلَ: يُمْهَلُ يَوْمًا وَنِصْفَ يَوْمٍ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ (فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ) فِي الْقُبُلِ وَكَذَا فِي الدُّبُرِ إذَا لَمْ يُقَيِّدْ إيلَاءَهُ بِهِ وَلَا بِالْقُبُلِ (سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ) لِحُصُولِ مَقْصُودِهَا وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ تَنْبِيهٌ: فُهِمَ مِنْ تَصْرِيحِهِ بِالْعِصْيَانِ امْتِنَاعُ الزَّوْجَةِ مِنْ تَمْكِينِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ لَيْسَ إلَّا كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ (وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ وَالطَّلَاقَ، فَالْأَظْهَرُ) الْجَدِيدُ (أَنَّ الْقَاضِيَ) إذَا رَفَعَتْهُ إلَيْهِ (يُطَلِّقُ عَلَيْهِ طَلْقَةً) نِيَابَةً عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى دَوَامِ إضْرَارِهَا وَلَا إجْبَارِهِ عَلَى الْفَيْئَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْإِجْبَارِ، وَالطَّلَاقُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فَنَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ كَمَا يُزَوِّجُ عَنْ الْعَاضِلِ وَيَسْتَوْفِي الْحَقَّ مِنْ الْمُمَاطِلِ، فَيَقُولُ: أَوْقَعْت عَلَى فُلَانَةَ عَنْ فُلَانٍ طَلْقَةً كَمَا حُكِيَ عَنْ الْإِمْلَاءِ أَوْ حَكَمْت عَلَيْهِ فِي زَوْجَتِهِ بِطَلْقَةٍ، فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ فُلَانٍ لَمْ يَقَعْ، قَالَهُ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الشَّيْخَانِ تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ: طَلْقَةً أَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ تَقَعْ الزِّيَادَةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالرَّجْعَةِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَتْ، قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ مُسْتَكْمَلَةً لِعَدَدِ الطَّلَاقِ، وَلَوْ آلَى مِنْ إحْدَاهُمَا وَأَبَى الْفَيْئَةَ وَالطَّلَاقَ طَلَّقَ الْقَاضِي مُبْهَمًا ثُمَّ يُبَيِّنُ الزَّوْجُ إنْ عَيَّنَ، وَيُعَيِّنُ إنْ أَبْهَمَ وَالثَّانِي الْقَدِيمُ لَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْآيَةِ يُضَافُ إلَيْهِ بَلْ يُفْرِدُهُ بِحَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ لِيَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ لِحَدِيثِ {الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ} وَيُشْتَرَطُ حُضُورُهُ لِيَثْبُتَ امْتِنَاعُهُ كَالْعَضْلِ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِلطَّلَاقِ عَلَيْهِ حُضُورُهُ عِنْدَهُ، وَلَا يَنْفُذُ طَلَاقُ الْقَاضِي فِي مُدَّةِ إمْهَالِهِ الْآتِي بَيَانُهَا، وَلَا بَعْدَ وَطْئِهِ أَوْ طَلَاقِهِ، وَإِنْ طَلَّقَا مَعًا وَقَعَ الطَّلَاقَانِ، وَإِنْ طَلَّقَ الْقَاضِي مَعَ الْفَيْئَةِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ، وَإِنْ طَلَّقَ الزَّوْجُ بَعْدَ طَلَاقِ الْقَاضِي إنْ كَانَ طَلَاقُ الْقَاضِي رَجْعِيًّا، وَصُورَةُ الدَّعْوَى أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ وَأَنَّ مُدَّتَهُ قَدْ انْقَضَتْ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ وَيُطْلَبُ مِنْهُ دَفْعُ الضَّرَرِ بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ عَلَى مَا مَرَّ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ) إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ (لَا يُمْهَلُ) أَيَّامًا (ثَلَاثَةً) لِيَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ فِيهَا لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا أَمْهَلَهُ اللَّهُ، وَالْحَقُّ إذَا حَلَّ لَا يُؤَجَّلُ ثَانِيًا، وَالثَّانِي: يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِقُرْبِهَا وَقَدْ يَنْشَطُ فِيهَا لِلْوَطْءِ تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى ثَلَاثَةٍ قَطْعًا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَجَوَازُ إمْهَالِهِ دُونَ ثَلَاثٍ، وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ إذَا اُسْتُمْهِلَ لِشُغْلٍ أُمْهِلَ بِقَدْرِ مَا يَتَهَيَّأُ لِذَلِكَ الشُّغْلِ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا أُمْهِلَ حَتَّى يُفْطِرَ أَوْ جَائِعًا فَحَتَّى يَشْبَعَ أَوْ ثَقِيلًا مِنْ الشِّبَعِ فَحَتَّى يَخِفَّ أَوْ عَلَيْهِ النُّعَاسُ فَحَتَّى يَزُولَ، قَالَا: وَالِاسْتِعْدَادُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ بِقَدْرِ يَوْمٍ فَمَا دُونَهُ، وَلَوْ رَاجَعَ الْمُولِي بَعْدَ تَطْلِيقِ الْقَاضِي وَقَدْ بَقِيَ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ ضُرِبَتْ مُدَّةٌ أُخْرَى، وَلَوْ بَانَتْ فَتَزَوَّجَهَا لَمْ يَعُدْ الْإِيلَاءُ فَلَا تُطَالِبُ (وَ) الْأَظْهَرُ، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ (أَنَّهُ إذَا وَطِئَ) فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ (بَعْدَ مُطَالَبَةٍ) لَهُ بِالْفَيْئَةِ (لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) إنْ كَانَتْ، يَمِينُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ لِحِنْثِهِ، وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أَيْ يَغْفِرُ الْحِنْثَ بِأَنْ لَا يُؤَاخَذَ بِكَفَّارَتِهِ لِدَفْعِهِ ضَرَرَ الزَّوْجَةِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ إنَّمَا يَنْصَرِفَانِ إلَى مَا يُعْصَى بِهِ، وَالْفَيْئَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْكَفَّارَةِ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا، وَإِذَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ فَبِالْوَطْءِ قَبْلَهَا أَوْلَى أَمَّا إذَا كَانَ حَلِفُهُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ نُظِرَ إنْ حَلَفَ بِالْتِزَامِ مَا يَلْزَمُ، فَإِنْ كَانَ بِقُرْبَةٍ لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ، أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ النَّذْرِ أَوْ بِتَعْلِيقِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ وَقَعَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ خَاتِمَةٌ: لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ بِأَنْ ادَّعَتْهُ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلَوْ اعْتَرَفَتْ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَهُ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الطَّلَبِ عَمَلًا بِاعْتِرَافِهَا، وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهَا عَنْهُ لِاعْتِرَافِهَا بِوُصُولِ حَقِّهَا إلَيْهَا، وَلَوْ كَرَّرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَر وَأَرَادَ بِغَيْرِ الْأُولَى التَّأْكِيدَ لَهَا، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ وَطَالَ الْفَصْلُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَنَظِيرِهِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ بِأَنَّ التَّنْجِيزَ إنْشَاءٌ وَإِيقَاعٌ، وَالْإِيلَاءُ وَالتَّعْلِيقُ مُتَعَلِّقَانِ بِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَالتَّأْكِيدُ بِهِمَا أَلْيَقُ أَوْ أَرَادَ الِاسْتِئْنَافَ تَعَدَّدَتْ الْأَيْمَانُ، وَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يُرِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا فَوَاحِدَةً إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ لِبُعْدِ التَّأْكِيدِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ، وَنَظِيرُهُمَا جَارٍ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ حَلَفَ يَمِينًا سَنَةً وَيَمِينًا سَنَتَيْنِ مَثَلًا، وَعِنْدَ الْحُكْمِ بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ يَكْفِيهِ لِانْحِلَالِهَا وَطْءٌ وَاحِدٌ، وَيَتَخَلَّصُ بِالطَّلَاقِ عَنْ الْأَيْمَانِ كُلِّهَا، وَيَكْفِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ
|