الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **
الجزء التاسع. بسم اللَّه الرحمن الرحيم 1 - عن أبي هريرة قال: (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: من اتخذ كلبًا إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية انتقص من أجره كل يوم قيراط). رواه الجماعة. 2 - وعن سفيان بن أبي زهير قال: (سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول: من اقتنى كلبًا لا يغني عنه زرعًا ولا ضرعًا نقص من عمله كل يوم قيراط). متفق عليه. 3 - وعن ابن عمر: (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو كلب ماشية). رواه مسلم والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه. 4 - وعن عبد اللّه بن المغفل قال: (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسود البهيم). رواه الخمسة وصححه الترمذي. 5 - وعن جابر قال: (أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بقتل كل الكلاب حتى أن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله ثم نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن قتلها وقال: عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان). رواه أحمد ومسلم. - قوله: (أو زرع) زيادة الزرع أنكرها ابن عمر كما في صحيح مسلم أنه قيل لابن عمر إن أبا هريرة يقول أو كلب زرع فقال ابن عمر: إن لأبي هريرة زرعًا ويقال إن ابن عمر أراد بذلك أن سبب حفظ أبي هريرة لهذه الرواية أنه صاحب زرع دونه ومن كان مشتغلًا بشيء احتاج إلى تعرف أحكامه وهذا هو الذي ينبغي حمل الكلام عليه. وفي صحيح مسلم أيضًا قال سالم وكان أبو هريرة يقول أو كلب حرث وكان صاحب حرث. وقد وافق أبا هريرة على ذكر الزرع سفيان بن أبي زهير وعبد اللّه بن المغفل. قوله: (أو ماشية) أو للتنويع لا للترديد وهو ما يتخذ من الكلاب لحفظ الماشية عند رعيها. والمراد بقوله ولا ضرعًا الماشية أيضًا. قوله: (وقال عليكم بالأسود البهيم) أي الخالص السواد والنقطتان هما الكائنتان فوق العينين. قال ابن عبد البر: في هذه الأحاديث إباحة اتخاذ الكلب للصيد والماشية وكذلك للزرع لأنها زيادة حافظ وكراهة اتخاذها لغير ذلك إلا أنه يدخل في معنى الصيد وغيره مما ذكر اتخاذها لجلب المنافع ودفع المضار قياسًا فتمحض كراهة اتخاذها لغير حاجة لما فيه من ترويع الناس وامتناع دخول الملائكة إلى البيت الذي الكلاب فيه. والمراد بقوله: (نقص من عمله) أي من أجر عمله. وقد استدل بهذا على جواز اتخاذها لغير ما ذكر وأنه ليس بمحرم لأن ما كان اتخاذه محرمًا امتنع اتخاذه على كل حال سواء نقص الأجر أم لا. فدل ذلك على أن اتخاذها مكروه لا حرام. قال ابن عبد البر أيضًا: ووجه الحديث عندي أن المعاني المتعبد بها في الكلاب من غسل الإناء سبعًا لا يكاد يقوم بها المكلف ولا يتحفظ منها فربما دخل عليه باتخاذها ما ينقص أجره من ذلك. وروي أن المنصور باللّه سأل عمرو بن عبيد عن سبب هذا الحديث فلم يعرفه فقال المنصور: لأنه ينبح الضيف ويروع السائل اهـ. قال في الفتح: وما ادعاه من عدم التحريم واستدل له بما ذكره ليس بلازم بل يحتمل أن تكون العقوبة تقع بعدم التوفيق للعمل بمقدار قيراط مما كان يعمله من الخير لو لم يتخذ كلبًا ويحتمل أن يكون الاتخاذ حرامًا. والمراد بالنقص إذًا الإثم الحاصل باتخاذه يوازن قدر قيراط أو قيراطين من أجر فينتقص من ثواب عمل المتخذ قدر ما يترتب عليه من الإثم باتخاذه وهو قيراط أو قيراطان. وقيل سبب النقصان امتناع الملائكة من دخول بيته أو ما يلحق المارين من الأذى أو لأن بعضها شياطين أو عقوبة لمخالفة النهي أو لولوغها في الأواني عند غفلة صاحبها فربما ينجس الطاهر منها فإذا استعمل في العبادة لم يقع موقع الطاهر. وقال ابن التين: المراد أنه لو لم يتخذه لكان عمله كاملًا فإذا اقتناه نقص من ذلك العمل ولا يجوز أن ينقص من عمل مضى وإنما أراد أنه ليس في الكمال كعمل من لم يتخذ اهـ. قال في الفتح: وما ادعاه من عدم الجواز منازع فيه. فقد حكى الروياني في البحر اختلافًا في الأجر هل ينقص من العمل الماضي أو المستقبل وفي محل نقصان القيراطين خلاف: فقيل من عمل النهار قيراط ومن عمل الليل آخر. وقيل من الفرض قيراط ومن النفل آخر. واختلفوا في اختلاف الروايتين في القيراطين كما في صحيح البخاري والقيراط كما في أحاديث الباب. فقيل الحكم للزائد لكونه حفظ ما لم يحفظ الآخر أو أنه صلى اللّه عليه وآله وسلم أخبر أولًا بنقص قيراط واحد فسمعه الراوي الأول ثم أخبر ثانيًا بنقص قيراطين زيادة في التأكيد والتنفير من ذلك فسمع الراوي الثاني. وقيل ينزل على حالين فنقص القيراطين باعتبار كثرة الأضرار باتخاذها ونقص القيراط باعتبار قلته وقيل يختص نقص القيراطين بمن اتخذها بالمدينة الشريفة خاصة والقيراط بما عداها وقيل غير ذلك. واختلف في القيراطين المذكورين هنا هل هما كالقيراطين المذكورين في الصلاة على الجنازة وإتباعها فقيل بالتسوية. وقيل اللذان في الجنازة من باب الفضل واللذان هنا من باب العقوبة وباب الفضل أوسع من غيره والأصح عند الشافعية إباحة اتخاذ الكلب لحفظ الدروب إلحاقًا للمنصوص بما في معناه كما أشار إليه ابن عبد البر واتفقوا على أن المأذون في اتخاذه ما لم يحصل الاتفاق على قتله وهو الكلب العقور. وأما غير العقور فقد اختلف هل يجوز قتله مطلقًا أم لا. واستدل ـ بأحاديث الباب ـ على طهارة الكلب المأذون باتخاذه لأن في ملابسته مع الاحتراز عنه مشقة شديدة فالإذن باتخاذه إذن بمكملات مقصوده كما أن المنع من اتخاذه مناسب للمنع منه وهو استدلال قوي كما قال الحافظ لا يعارضه إلا عموم الخبر في الأمر بغسل ما ولغ فيه الكلب من غير تفصيل وتخصيص العموم غير مستنكر إذا سوغه الدليل.
1 - عن أبي ثعلبة الخشني قال: (قلت يا رسول اللّه إنا بأرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي المعلم وبكلبي الذي ليس بمعلم فما يصلح لي فقال: ما صدت بقوسك فذكرت اسم اللّه عليه فكل وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم اللّه عليه فكل وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل). 2 - وعن عدي بن حاتم قال: (قلت يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إني أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن عليَّ وأذكر اسم اللّه قال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم اللّه عليه فكل ما أمسك عليك قلت: وإن قتلن قال: وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس معها قلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيد قال: إذا رميت بالمعراض فخزق فكله وإن أصابه بعرضه فلا تأكله). وفي رواية: (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم اللّه فإن أمسك عليك فأدركته حيًا فاذبحه وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله فإن أخذ الكلب ذكاة). متفق عليهن. وهو دليل على الإباحة سواء قتله الكلب جرحًا أو خنقًا. 3 - وعن عدي بن حاتم: (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: ما علمت من كلب أو باز ثم أرسلته وذكرت اسم اللّه عليه فكل ما أمسك عليك قلت: وإن قتل قال: وإن قتل ولم يأكل منه شيئًا فإنما أمسكه عليك). رواه أحمد وأبو داود. - حديث عدي بن حاتم الآخر أخرجه أيضًا البيهقي وهو من رواية مجالد عن الشعبي عنه قال البيهقي تفرد مجالد بذكر الباز فيه وخالف الحفاظ. قوله: (ما صدت بقوسك) سيأتي الكلام عن الصيد بالقوس. قوله: (وما صدت بكلبك المعلم) المراد بالمعلم الذي إذا أغراه صاحبه على الصيد طلبه وإذا زجره انزجر وإذا أخذ الصيد حبسه على صاحبه وفي اشتراط الثالث خلاف. واختلف متى يعلم ذلك منها فقال البغوي في التهذيب: أقله ثلاث مرات وعن أبي حنيفة وأحمد: يكفي مرتين. وقال الرافعي: لا تقدير لاضطراب العرف واختلاف طباع الجوارح فصار المرجع إلى العرف. قوله: (فذكرت اسم اللّه عليه) فيه اشتراط التسمية وسيأتي الكلام عليه. ـ وأحاديث الباب ـ تدل على إباحة الصيد بالكلاب المعلمة وإليه ذهب الجمهور من غير تقييد واستثنى أحمد وإسحاق الأسود وقالا لا يحل الصيد به لأنه شيطان. ونقل عن الحسن وإبراهيم وقتادة نحو ذلك. قوله: (فكل ما أمسك عليك) فيه جواز أكل ما أمسكه الكلب بالشروط المذكورة في الأحاديث وهو مجمع عليه. قوله: (ما لم يشركها كلب ليس معها) فيه دليل على أنه لا يحل أكل ما يشاركه كلب آخر في اصطياده ومحله ما إذا استرسل بنفسه أو أرسله من ليس من أهل الذكاة فإن تحقق أنه أرسله من هو من أهل الذكاة حل ثم ينظر فإن كان إرسالهما معًا فهو لهما وإلا فللأول ويؤخذ ذلك من التعليل في قوله (فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره) فإنه يفهم منه أن المرسل لو سمى على الكلب لحل ووقع في رواية بيان عن الشعبي وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل فيؤخذ منه أنه لو وجده حيًا وفيه حياة مستقرة فذكاه حل لأن الاعتماد في الإباحة على التذكية لا على إمساك الكلب ويؤيده ما في حديث الباب: (وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل). قوله: (بالمعراض) بكسر الميم وسكون المهملة وآخره معجمة. قال الخليل وتبعه جماعة: هو سهم لا ريش له ولا نصل. وقال ابن دريد وتبعه ابن سيده: هو سهم طويل له أربع قذذ رقاق فإذا رمي به اعترض. وقال الخطابي: المعراض نصل عريض له ثقل ورزانة وقيل عود رقيق الطرفين غليظ الوسط وقيل خشبة ثقيلة آخرها عصا محدد رأسها وقد لا يحدد وقوى هذا الأخير النووي تبعًا لعياض. وقال القرطبي: إنه المشهور وقال ابن التين: المعراض عصا في طرفها حديدة يرمي بها الصائد فما أصاب بحده فهو ذكي فيؤكل وما أصاب بغير حده فهو وقيذ. قوله: (فخزق) بفتح الخاء المعجمة والزاي بعدها قاف أي نفذ يقال سهم خازق أي نافذ ويقال بالسين المهملة بدل الزاي وقيل الخزق بالزاي وقد تبدل سينًا الخدش. قال في الفتح: وحاصله أن السهم وما في معناه إذا أصاب الصيد حل وكانت تلك ذكاته وإذا أصاب بعرضه لم يحل لأنه في معنى الخشبة الثقيلة أو الحجر ونحو ذلك من المثقل. قوله: (بعرضه) بفتح العين المهملة أي بغير طرفه المحدد وهو حجة للجمهور في التفصيل المذكور وعن الأوزاعي وغيره من فقهاء الشام يحل مطلقًا وسيأتي لهذا زيادة بسط إن شاء اللّه. قوله: (ولم يأكل منه) فيه دليل على تحريم ما أكل منه الكلب من الصيد ولو كان الكلب معلمًا وقد علل في الحديث بالخوف من أنه إنما أمسك على نفسه وهذا قول الجمهور وقال مالك وهو قول الشافعي في القديم ونقل عن بعض الصحابة أنه يحل. واحتجوا بما ورد في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن أعرابيًا يقال له أبو ثعلبة قال: يا رسول اللّه إن لي كلابًا مكلبة فأفتني في صيدها فقال: كل مما أمسك عليك وإن أكل منه) أخرجه أبو داود قال الحافظ: ولا بأس بإسناده وسيأتي هذا الحديث في الباب الذي بعد هذا. قال: وسلك الناس في الجمع بين الحديثين طرقًا منها للقائلين بالتحريم الأولى حمل حديث الأعرابي على ما إذا قتله وخلاه ثم عاد فأكل منه والثانية الترجيح. فرواية عدي في الصحيحين ورواية الأعرابي في غير الصحيحين ومختلف في تضعيفها وأيضًا فرواية عدي صريحة مقرونة بالتعليل المناسب للتحريم وهو خوف الإمساك على نفسه متأيدة بأن الأصل في الميتة التحريم فإذا شككنا في السبب المبيح رجعنا إلى الأصل ولظاهر القرآن أيضًا وهو قوله تعالى وقال ابن التين: قال بعض أصحابنا هو عام فيحمل على الذي أدركه ميتًا من شدة العدو أو من الصدمة فأكل منه لأنه صار على صفة لا يتعلق بها الإرسال والإمساك على صاحبه. قال: ويحتمل أن يكون معنى قوله فإن أكل فلا تأكل أن لا يوجد منه غير الأكل دون إرسال الصائد له وتكون هذه الجملة مقطوعة عما قبلها ولا يخفى تعسف هذا وبعده وقال ابن القصار: مجرد إرسالنا الكلب إمساك علينا لأن الكلب لا نية له وإنما يتصيد بالتعلم فإذا كان الاعتبار بأن يمسك علينا أو على نفسه واختلف الحكم في ذلك وجب أن يتميز ذلك بنية من له نية وهو مرسله فإذا أرسله فقد أمسك عليه وإذا لم يرسله فلم يمسك عليه كذا قال ولا يخفى بعده ومصادمته لسياق الحديث. وقد قال الجمهور إن معنى قوله أمسكن عليكم صدن لكم وقد جعل الشارع أكله منه علامة على أنه أمسك لنفسه لا لصاحبه فلا يعدل عن ذلك وقد وقع في رواية لابن أبي شيبة: إن شرب من دمه فلا تأكل فإنه لم يعلم ما علمته. وفي هذا إشارة إلى أنه إذا شرع في أكله دل على أنه ليس يعلم التعليم المشترط وسلك بعض المالكية الترجيح فقال هذه القطعة ذكرها الشعبي ولم يذكرها همام وعارضها حديث الأعرابي المعروف بأبي ثعلبة. قال الحافظ: وهذا ترجيح مردود لما تقدم وتمسك بعضهم بأن الإجماع على جواز أكله إذا أخذه الكلب بفيه وهم بأكله فأدركه قبل أن يأكل منه يدل على أنه يحل ما أكل منه لأن تناوله بفيه وشروعه في أكله مثل الأكل في أن كل واحد منهما يدل على أنه إنما أمسكه على نفسه. قوله: (فإن أخذ الكلب ذكاة) فيه دليل على أن إمساك الكلب للصيد بمنزلة التذكية إذا لم يدركه الصائد إلا بعد الموت لا إذا أدركه قبل الموت فالتذكية واجبة لقوله في الحديث فإن أدركته حيًا فاذبحه. قوله: (فكل ما أمسك عليك) استدل به على أنه لو أرسل كلبه على صيد فاصطاد غيره حل للعموم الذي في قوله: (ما أمسك عليك) وهذا قول الجمهور وقال مالك لا يحل وهو رواية البويطي عن الشافعي.
1 - عن عدي بن حاتم: (عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم اللّه فكل مما أمسكن عليك إلا أن يأكل الكلب فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه). متفق عليه. 2 - وعن إبراهيم عن ابن عباس قال: (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: إذا أرسلت الكلب فأكل من الصيد فلا تأكل فإنما أمسكه على نفسه فإذا أرسلته فقتل ولم يأكل فكل فإنما أمسكه على صاحبه). رواه أحمد. 3 - وعن أبي ثعلبة قال: (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في صيد الكلب: إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم اللّه فكل وإن أكل منه وكل ما ردت عليك يدك). رواه أبو داود. 4 - وعن عبد اللّه بن عمرو: (أن أبا ثعلبة الخشني قال: يا رسول اللّه إن لي كلابًا مكلبة فأفتني في صيدها قال: إن كانت لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكت عليك فقال: يا رسول اللّه ذكي وغير ذكي قال: ذكي وغير ذكي قال: وإن أكل منه قال: وإن أكل منه قال: يا رسول اللّه أفتني في قوسي قال: كل مما أمسك عليك قوسك قال: ذكي وغير ذكي قال: ذكي وغير ذكي قال: فإن تغيب عني قال: وإن تغيب عنك ما لم يصل يعني يتغير أو تجد فيه أثر غير سهمك). رواه أحمد وأبو داود. - حديث ابن عباس قد تقدم في الباب الذي قبل هذا ذكر طرقه وما يشهد له. وحديث أبي ثعلبة الأول قد تقدم أن الحافظ قال لا بأس بإسناده انتهى. وفي إسناده داود بن عمرو الأودي الدمشقي عامل واسط. قال أحمد بن عبد اللّه العجلي: ليس بالقوي وقال أبو زرعة الرازي: هو شيخ وقال يحيى بن معين: ثقة وقال أبو زرعة: لا بأس به وقال ابن عدي: لا أرى برواياته بأسًا. قال ابن كثير: وقد طعن في حديث أبي ثعلبة وأجيب بأنه صحيح لا شك فيه على أنه قد روى الثوري عن سماك بن حرب عن عدي عنه صلى اللّه عليه وآله وسلم مثل حديث أبي ثعلبة إذا كان الكلب ضاريًا وروى عبد الملك بن حبيب حدثنا أسد بن موسى عم أبي زائدة عن الشعبي عن عدي بمثله فوجب حمل حديث عدي يعني على نحو ما تقدم في حديث الباب الأول. وحديث أبي ثعلبة الثاني أخرجه أيضًا النسائي وابن ماجه وأعله البيهقي وقد تقدم الكلام على حديث ابن عمر وابن شعيب عن أبيه عن جده. قوله: (إلا أن يأكل الكلب فلا تأكل) قد تقدم البحث عن هذا وما عارضه من حديث أبي ثعلبة المذكور مبسوطًا في الباب الذي قبل هذا فليرجع إليه. قوله: (وكل ما ردت عليه يدك) أي كُل كلَّ ما صدته بيدك لا بشيء من الجوارح ونحوها. قوله: (كلابًا مكلبة) يحتمل أن يكون مشتقًا من الكلب بسكون اللام اسم العين فيكون حجة لمن خص ما صاده الكلب بالحل إذا وجد ميتًا دون ما عداه من الجوارح كما قيل في قوله تعالى {مكلبين} ويحتمل أن يكون مشتقًا من الكلب بفتح العين وهو مصدر بمعنى التكليب وهو التضرية ويقوي هذا عموم قوله من الجوارح مكلبين فإن الجوارح المراد بها الكواسب على أهلها وهو عام. قوله: (ذكي وغير ذكي) فيه دليل على أنه يحل ما وجد ميتًا من صيد الكلاب المعلمة وهو مجمع عليه فيما عدا الكلب الأسود كما تقدم. واختلف العلماء فيما عداه من السباع كالفهد والنمر وغيرهما وكذلك الطيور فذهب مالك إلى أنها مثل الكلاب وحكاه ابن شعبان عن فقهاء الأمصار وهو مروي عن ابن عباس وقال جماعة ومنهم مجاهد لا يحل ما صادوه غير الكلب إلا بشرط إدراك ذكاته وبعضهم خص البازي بحل ما قتله لحديث ابن عباس المتقدم في الباب الأول. قوله: (وإن تغيب عنك) سيأتي الكلام عليه. قوله: (ما لم يصل) بفتح حرف المضارعة وكسر الصاد المهملة وتشديد اللام أي يتغير. قوله: (أو تجد فيه أثر غير سهمك) سيأتي أيضًا الكلام عليه إن شاء اللّه تعالى.
1 - عن عدي بن حاتم قال: (قلت يا رسول اللّه إني أرسل كلبي وأسمي قال: إن أرسلت كلبك وسميت فأخذ فقتل فكل وإن أكل منه فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه قلت إني أرسل كلبي أجد معه كلبًا آخر لا أدري أيهما أخذه قال: فلا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره). 2 - وفي رواية: (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم اللّه فإن وجدت مع كلبك كلبًا غيره وقد قتل فلا تأكل فإنك لا تدري أيهما قتله). متفق عليهما وهو دليل على أنه إذا أوحاه أحدهما وعلم بعينه فالحكم له لأنه قد علم أنه قاتله. - قوله: (وسميت) استدل به على مشروعية التسمية وهو مجمع على ذلك إنما الخلاف في كونها شرطًا في حل الأكل فذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإليه ذهبت القاسمية والناصر والثوري والحسن بن صالح إلى أنها شرط وذهب ابن عباس وأبو هريرة وطاوس والشافعي وهو مروي عن مالك وأحمد إلى أنها سنة فمن تركها عندهم عمدًا أو سهوًا لم يقدح في حل الأكل. ومن أدلة القائلين بأن التسمية شرط قوله تعالى وفي حديث الباب إيقاف الإذن في الأكل عليها والمعلق بالوصف ينتفي عند انتفائه عند من يقول بالمفهوم والشرط أقوى من الوصف ويتأكد القول بالوجوب بأن الأصل تحريم الميتة وما أذن فيه منها تراعى صفته فالمسمى عليها وافق الوصف وغير المسمى باق على أصل التحريم. واختلفوا إذا تركها ناسيًا فعند أبي حنيفة ومالك والثوري وجماهير العلماء ومنهم القاسمية والناصر أن الشرطية إنما هي في حق الذاكر فيجوز أكل ما تركت التسمية عليه سهوًا لا عمدًا وذهب داود والشعبي وهو مروي عن مالك وأبي ثور أنها شرط مطلقًا لأن الأدلة لم تفصل واختلف الأولون في العمد هل يحرم الصيد ونحوه أم يكره. فعند الحنفية يحرم. وعند الشافعية في العمد ثلاثة أوجه أصحها يكره الأكل وقيل خلاف الأولى وقيل يأثم بالترك ولا يحرم الأكل والمشهور عن أحمد التفرقة بين الصيد والذبيحة فذهب في الذبيحة إلى هذا القول الثالث. وحجة القائلين بعدم وجوب التسمية مطلقًا ما سيأتي في باب الذبح إن شاء اللّه تعالى. قوله: (فإن وجدت مع كلبك) الخ فيه دليل على أن من وجد الصيد ميتًا ومع كلبه كلب آخر وحصل اللبس عليه أيهما القاتل له أنه لا يحل الصيد لأنه لم يسم إلا على كلبه بخلاف ما لو وجده حيًا فإنه يذكيه ويحل أكله بالتذكية. وسيأتي الخلاف في الصيد إذا غاب وسبب الاختلاف حصول اللبس المذكور هنا. قوله: (على أنه أوحاه) بالحاء المهملة بمعنى أنهاه إلى حركة المذبوح وليس لأوجاه بالجيم هنا معنى.
1 - عن عدي قال: (قلت يا رسول اللّه إنا قوم نرمي فما يحل لنا قال: يحل لكم ما ذكيتم وما ذكرتم اسم اللّه عليه وخزقتكم فكلوا منه). رواه أحمد وهو دليل على أن ما قتله السهم بثقله لا يحل. 2 - وعن أبي ثعلبة الخشني: (عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: إذا رميت سهمك فغاب ثلاثة أيام وأدركته فكله ما لم ينتن). رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. 3 - وعن عدي بن حاتم قال: (سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن الصيد قال: إذا رميت سهمك فاذكر اسم اللّه فإن وجدته قد قتل فكل إلا أن تجده قد وقع في ماء فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك). متفق عليه وهو دليل على أن السهم إذا أوحاه أبيح لأنه قد علم أن سهمه قتله. 4 - وعن عدي: (عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: إذا رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به إلا أثر سهمك فكل وإن وقع في الماء فلا تأكل). رواه أحمد والبخاري. وفي رواية: (إذا رميت سهمك فاذكر اسم اللّه فإن غاب عنك يومًا فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت وإن وجدته غريقًا في الماء فلا تأكل) رواه مسلم والنسائي. وفي رواية: (أنه قال للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم: إنا نرمي الصيد فنقتفي أثره اليومين والثلاثة ثم نجده ميتًا وفيه سهمه قال: يأكل إن شاء) رواه البخاري. 5 - وفي رواية: (قال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قلت إن أرضنا أرض صيد فيرمي أحدنا الصيد فيغيب عنه ليلة أو ليلتين فيجده وفيه سهمه قال: إذا وجدت سهمك ولم تجد فيه أثر غيره وعلمت أن سهمك قتله فكله). رواه أحمد والنسائي. 6 - وفي رواية: (قال: قلت يا رسول اللّه أرمي الصيد فأجد فيه سهمي من الغد قال: إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع فكل). رواه الترمذي وصححه. - حديث عدي الأول له طرق هذه أحدها وقد تقدم بعضها والرواية الأخرى من حديث عدي أخرجها أيضًا أبو داود. قوله: (يحل لكم ما ذكيتم وما ذكرتم اسم اللّه عليه) فيه دليل على أن التسمية واجبة لتعليق الحل عليها وقد تقدم الخلاف في ذلك وسيأتي له مزيد. قوله: (فكله ما لم ينتن) جعل الغاية أن ينتن الصيد فلو وجده في دونها مثلًا بعد ثلاث ولم ينتن حل فلو وجده دونها وقد أنتن فلا هذا ظاهر الحديث. وأجاب النووي بأن النهي عن أكله إذا أنتن للتنزيه وظاهر الحديث التحريم ولكنه سيأتي في باب ما جاء في السمك أن الجيش أكلوا من الحوت التي ألقاها البحر نصف شهر وأهدوا عند قدومهم للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم منه فأكله واللحم لا يبقى في الغالب مثل هذه المدة بلا نتن لا سيما في الحجاز مع شدة الحر فلعل هذا الحديث هو الذي استدل به النووي على كراهة التنزيه ولكنه يحتمل أن يكونوا ملحوه وقددوه فلم يدخله النتن. وقد حرمت المالكية المنتن مطلقًا وهو الظاهر. قوله: (إلا أن تجده وقع في ماء) وجهه أنه يحصل حينئذ التردد هل قتله السهم أو الغرق في الماء فلو تحقق أن السهم أصابه فمات فلم يقع في الماء إلا بعد أن قتله السهم حل أكله. قال النووي في شرح مسلم: إذا وجد الصيد في الماء غريقًا حرم بالاتفاق انتهى. وقد صرح الرافعي بأن محله ما لم ينته الصيد بتلك الجراحة إلى حركة المذبوح فإن انتهى إليها كقطع الحلقوم مثلًا فقد تمت ذكاته ويؤيده ما قاله بعد ذلك فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك فدل على أنه إذا علم أن سهمه هو الذي قتله أنه يحل. قوله: (إذا أوحاه) قد تقدم ضبطه وتفسيره في الباب الذي قبل هذا. قوله: (ليس به إلا أثر سهمك) مفهومه أنه إن وجد فيه أثر غير سهمه لا يؤكل وهو نظير ما تقدم في الكلب من التفصيل فيما إذا خالط الكلب الذي أرسله الصائد كلب آخر لكن التفصيل في مسألة الكلب فيما إذا شارك الكلب في قتله كلب آخر وهنا الأثر الذي يوجد فيه من غير سهم الرامي أعم من أن يكون أثر سهم رام آخر أو غير ذلك من الأسباب القاتلة فلا يحل أكله مع التردد وقد جاءت فيه زيادة كما في الرواية الآخرة في الباب بلفظ: (ولم تر فيه أثر سبع) قال الرافعي: يؤخذ منه أنه لو جرحه ثم غاب ثم وجده ميتًا أنه لا يحل وهو ظاهر نص الشافعي في المختصر. وقال النووي: الحل أصح دليلًا وحكى البيهقي في المعرفة عن الشافعي أنه قال في قول ابن عباس كل ما أصميت ودع ما أنميت معنى ما أصميت ما قتله الكلب وأنت تراه وما أنميت ما غاب عنك مقتله قال وهذا لا يجوز عندي غيره إلا أن يكون جاء عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فيه شيء فيسقط كل شيء خلف أمر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ولا يقوم معه رأي ولا قياس. قال البيهقي: وقد ثبت الخبر يعني المذكور في الباب فينبغي أن يكون هو قول الشافعي. وقد استدل بما في الباب على أن الرمي لو أخر طلب الصيد عقب الرمي إلى أن يجده أنه يحل بالشروط المتقدمة ولا يحتاج إلى استفصال عن سبب غيبته عنه. قوله: (فيقتفي أثره) بفاء ثم مثناة تحتية ثم قاف ثم مثناة فوقية ثم فاء. أي يتبع قفاه حتى يتمكن منه. قوله: (اليومين والثلاثة) فيه زيادة على الرواية التي قبلها وهي قوله: (بعد يوم أو يومين) وفي الرواية الآخرة: (فيغيب عنه الليلة والليلتين).
1 - عن عبد اللّه بن المغفل: (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم نهى عن الخذف وقال إنها لا تصيد صيدًا ولا تنكأ عدوًا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين). متفق عليه. 2 - وعن عبد اللّه بن عمرو: (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: من قتل عصفورًا بغير حقه سأله اللّه عنه يوم القيامة قيل يا رسول اللّه وما حقه قال: أن تذبحه ولا تأخذ بعنقه فتقطعه). رواه أحمد والنسائي. 3 - وعن إبراهيم عن عدي بن حاتم قال: (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: إذا رميت فسميت فخزقت فكل وإن لم تخزق فلا تأكل ولا تأكل من المعراض إلا ما ذكيت ولا تأكل من البندقة إلا ما ذكيت). رواه أحمد وهو مرسل إبراهيم لم يلق عديًا. - حديث عبد اللّه بن عمرو أخرجه أيضًا الحاكم وصححه وأعله ابن القطان بصهيب مولى ابن عباس الراوي عن عبد اللّه فقال لا يعرف حاله وله طريق أخرى عند الشافعي وأحمد والنسائي وابن حبان عن عمرو بن الشريد عن أبيه مرفوعًا: (من قتل عصفورًا عبثًا عج إلى اللّه يوم القيامة يقول يا رب إن فلانًا قتلني عبثًا ولم يقتلني منفعة) وقد تقدم ذكر هذا الحديث. وحديث عدي المذكور في الباب وإن كان مرسلًا كما ذكره لكن معناه صحيح ثابت عن عدي في الصحيحين كما تقدم. قوله: (نهى عن الخذف) بالخاء المعجمة وآخره فاء وهو الرمي بحصاة أو نواة بين سبابتيه أو بين الإبهام والسبابة أو على ظاهر الوسطى وباطن الإبهام وقال ابن فارس: خذفت الحصاة رميتها بين إصبعيك وقيل في حصا الخذف أن تجعل الحصاة بين السبابة من اليمنى والإبهام من اليسرى ثم تقذفها بالسبابة من اليمنى. وقال ابن سيده: خذف بالشيء يخذف قال والمخذفة التي يوضع فيها الحجر ويرمى بها الطير ويطلق على المقلاع أيضًا قاله في الصحاح. والمراد بالبندقة المذكورة في ترجمة الباب هي التي تتخذ من الطين وتيبس فيرمى بها. قال ابن عمر في المقتولة بالبندقة تلك الموقوذة وكرهه سالم والقاسم ومجاهد وإبراهيم وعطاء والحسن كذا في البخاري وأخرج ابن أبي شيبة عن سالم بن عبد اللّه بن عمر والقاسم بن محمد بن أبي بكر أنهما كانا يكرهان البندقة إلا ما أدركت ذكاته. قوله: (إنها لا تصيد صيدًا) قال المهلب: أباح اللّه الصيد على صفة فقال قوله: (ولا تنكأ عدوًا) قال عياض: الرواية بفتح الكاف وبهمزة في آخره وهي لغة والأشهر بكسر الكاف بغير همزة وقال في شرح مسلم: لا تنكأ بفتح الكاف مهموزًا وروي لا تنكي بكسر الكاف وسكون التحتانية وهو أوجه لأن المهموز نكأت القرحة وليس هذا موضعه فإنه من النكاية لكن قال في العين: نكأه لغة في نكيت فعلى هذا تتوجه هذه الرواية قال: ومعناه المبالغ في الأذى. وقال ابن سيده: نكى العدو نكاية أصاب منه ثم قال نكأت العدو أنكؤهم لغة في نكيتهم فظهر أن الرواية صحيحة ولا معنى لتخطئتها وأغرب ابن التين فلم يعرج على الرواية التي بالهمز أصلًا بل شرحه على التي بكسر الكاف بغير همز ثم قال: ونكأت القرحة بالهمز. قوله: (ولكنها تكسر السن) أي الرمية وأطلق السن ليشمل سن المرمى وغيره من آدمي وغيره. قوله: (وتفقأ العين) قد تقدم ضبطه وتفسيره وأطلق العين لما ذكرنا في السن. قوله: (بغير حقه) فيه دليل على تحريم قتل العصفور وما شاكله لمجرد العبث وعلى غير الهيئة المذكورة ولأن تعذيب الحيوان قد ورد النهي عنه في غير حديث. قوله: (فخزقت فكل) فيه أن الخزق شرط الحل وقد تقدم وكذلك تقدم الكلام عن المعراض.
1 - عن الإمام علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: (أنه سمع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول: لعن اللّه من ذبح لغير اللّه ولعن اللّه من آوى محدثًا ولعن اللّه من لعن والديه ولعن اللّه من غير تخوم الأرض). رواه أحمد ومسلم والنسائي. 2 - وعن عائشة: (أن قومًا قالوا يا رسول اللّه إن قومًا يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم اللّه عليه أم لا فقال: سموا عليه أنتم وكلوا وكانوا حديثي عهد بالكفر). رواه البخاري والنسائي وابن ماجه وهو دليل على أن التصرفات والأفعال تحمل على حال الصحة والسلامة إلى أن يقوم دليل الفساد. 3 - وعن ابن كعب بن مالك عن أبيه: (أنه كانت لهم غنم ترعى بسلع فأبصرت جارية لنا بشاة من غنمنا موتا فكسرت حجرًا فذبحتها به فقال لهم: لا تأكلوا حتى أسأل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أو أرسل إليه من يسأله عن ذلك وأنه سأل النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم عن ذلك أو أرسل إليه فأمره بأكلها). رواه أحمد والبخاري قال: وقال عبيد اللّه يعجبني أنها أمة وأنها ذبحت بحجر. 4 - وعن زيد بن ثابت: (أن ذئبًا نيب في شاة فذبحوها بمروة فرخص لهم رسول اللّه في أكلها). رواه أحمد والنسائي وابن ماجه. 5 - وعن عدي بن حاتم قال: (قلت يا رسول اللّه إنا نصيد الصيد فلا نجد سكينًا إلا الظرار وشقة العصا فقال صلى اللّه عليه وآله وسلم أمر الدم بما شئت واذكر اسم اللّه عليه). رواه الخمسة إلا الترمذي. - حديث زيد بن ثابت رجاله رجال الصحيح إلا حاضر بن المهاجر فقيل هو مجهول وقيل مقبول. وقد أخرج معناه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط عن ابن عمر بإسناد صحيح. وحديث عدي بن حاتم أخرجه أيضًا الحاكم وابن حبان ومداره على سماك بن حرب عن مري بن قطري عنه. قوله: (لعن اللّه من ذبح لغير اللّه) المراد به أن يذبح لغير اللّه تعالى كمن ذبح للصنم أو الصليب أو لموسى أو لعيسى عليهما السلام أو للكعبة ونحو ذلك فكل هذا حرام ولا تحل هذه الذبيحة سواء كان الذابح مسلمًا أو كافرًا. وإليه ذهب الشافعي وأصحابه فإن قصد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير اللّه تعالى والعبادة له كان ذلك كفرًا فإن كان الذابح مسلمًا قبل ذلك صار بالذبح مرتدًا. وذكر الشيخ إبراهيم المروزي من أصحاب الشافعي أن ما يذبح عند استقبال السلطان تقربًا إليه أفتى أهل بخارى بتحريمه لأنه مما أهل به لغير اللّه. قال الرافعي: هذا إنما يذبحونه استبشارًا بقدومه فهو كذبح العقيقة لولادة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم. قوله: (محدثًا) بكسر الدال هو من يأتي لما فيه فساد في الأرض من جناية على غيره أو غير ذلك والمؤوي له المانع له من القصاص ونحوه. ولعن الوالدين من الكبائر. وتخوم الأرض بالتاء المثناة من فوق والخاء المعجمة وهي الحدود والمعالم وظاهره العموم في جميع الأرض وقيل معالم الحرم خاصة وقيل في الأملاك وقيل أراد المعالم التي يهتدى بها في الطرقات. قوله: (أن قومًا قالوا للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم) قال في الفتح: لم أقف على تعيينهم. قوله: (فقال سموا عليه أنتم) قال المهلب: هذا الحديث أصل في أن التسمية ليست فرضًا فلما نابت تسميتهم عن التسمية على الذبح دل على أنها سنة لأن السنة لا تنوب عن فرض هذا على أن الأمر في حديث عدي وابن ثعلبة محمول على التنزيه من أجل أنهما كانا يصيدان على مذهب الجاهلية فعلمهما النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أمر الصيد والذبح فرضه ومندوبه لئلا يوافقا شبهة في ذلك وليأخذا بأكمل الأمور وأما الذين سألوا عن هذه الذبائح فإنهم سألوا عن أمر قد وقع لغيرهم فعرفهم بأصل الحل فيه. وقال ابن التين: يحتمل أن يراد التسمية هنا عند الأكل وبذلك جزم النووي. قال ابن التين: وأما التسمية على ذبح تولاه غيرهم فلا تكليف عليهم فيه وإنما يحمل على غير الصحة إذا تبين خلافها ويحتمل أن يريد أن تسميتكم الآن تستبيحون بها كل ما لم تعلموا أذكروا اسم اللّه عليه أم لا إذا كان الذابح ممن تصح ذبيحته إذا سمى ويستفاد منه أن كل ما يوجد في أسواق المسلمين محمول على الصحة وكذا ما ذبحه أعراب المسلمين لأن الغالب أنهم عرفوا التسمية وبهذا الأخير جزم ابن عبد البر فقال: إن ما ذبحه المسلم يؤكل ويحمل على أنه سمى لأن المسلم لا يظن به في كل شيء إلا الخير حتى يتبين خلاف ذلك وعكس هذا الخطابي فقال: فيه دليل على أن التسمية غير شرط على الذبيحة لأنها لو كانت شرطًا لم تستبح الذبيحة بالأمر المشكوك فيه كما لو عرض الشك في نفس الذبيحة فلم يعلم هل وقعت الذكاة المعتبرة أم لا وهذا هو المتبادر من سياق الحديث حيث وقع الجواب فيه سموا أنتم كأنه قيل لهم لا تهتموا بذلك بل الذي يهمكم أنتم أن تذكروا اسم اللّه وتأكلوا وهذا من الأسلوب الحكيم كما نبه عليه الطيبي ومما يدل على عدم الاشتراط قوله تعالى قوله: (وكانوا حديثي عهد بالكفر) في رواية لمالك وذلك في أوائل الإسلام وقد تعلق بهذه الزيادة قوم فزعموا أن هذا الجواب كان قبل نزول قوله تعالى وفي الحديث نفسه ما يرده لأنه أمرهم فيه بالتسمية عند الأكل فدل على أن الآية كانت نزلت بالأمر بالتسمية وأيضًا فقد اتفقوا على أن الأنعام مكية وأن هذه القصة جرت بالمدينة وأن الأعراب المشار إليهم في الحديث هم بادية أهل المدينة. قوله: (جارية) في رواية أمة وفي رواية امرأة ولا تنافي بين الروايات لأن الرواية الأخيرة أعم فيؤخذ بقول من زاد في روايته صفة وهي كونها أمة. قوله: (فأمره بأكلها) فيه دليل على أنها تحل ذبيحة المرأة وإليه ذهب الجمهور. وقد نقل محمد بن عبد الحكم عن مالك كراهته وفي المدونة جوازه وفي وجه للشافعية يكره ذبح المرأة الأضحية وعند سعيد بن منصور بسند صحيح عن إبراهيم النخعي أنه قال في ذبيحة المرأة والصبي لا بأس إذا أطاق الذبيحة وحفظ التسمية وفيه جواز ما ذبح بغير إذن مالكه وإليه ذهب الجمهور وخالف في ذلك طاوس وعكرمة وإسحاق وأهل الظاهر وإليه جنح البخاري ويدل لما ذهبوا إليه ما أخرجه أحمد وأبو داود بسند قوي من طريق عاصم بن كليب عن أبيه في قصة الشاة التي ذبحتها المرأة بغير إذن صاحبها فامتنع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من أكلها لكنه قال أطعموها الأسارى ولو لم تكن مذكاة لما أمر بإطعام الأسارى لأنه لا يبيح لهم إلا ما يحل. قوله: (فذبحوها بمروة) أي بحجر أبيض وقيل هو الذي تقدح منه النار. قوله: (إلا الظرار) بالمعجمة بعدها راءان مهملتان بينهما ألف جمع ظرر وهي الحجارة كذا في النهاية. قال في القاموس: الظر بالكسر والظرر والظررة الحجر أو المدور المحدد منه الجمع ظرار وظرار قال: والمظرة بالكسر الحجر تقدح به النار وبالفتح كسر الحجر ذي الحد. قوله: (وشقة العصا) بكسر الشين المعجمة أي ما يشق منها ويكون محددًا. قوله: (أمر الدم) بفتح الهمزة وكسر الميم وبالراء مخففة من أمار الشيء ومار إذا جرى وبكسر الهمزة وسكون الميم من مرى الضرع إذا مسحه ليدر. قال الخطابي: المحدثون يروونه بتشديد الراء وهو خطأ إنما هو بتخفيفها من مريت الناقة إذا حلبتها قال ابن الأثير: ويروى أمرر براءين مظهرين من غير إدغام وكذا في التلخيص إنه براءين مهملتين الأولى مكسورة ثم نقل كلام الخطابي قال وأجيب بأن التثقيل لكونه أدغم أحد الراءين في الأخرى على الرواية الأولى. 6 - وعن رافع بن خديج قال: (قلت يا رسول اللّه إنا نلقى العدو غدًا وليس معنا مدى فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم: ما أنهر الدم وذكر اسم اللّه عليه فكلوا ما لم يكن سنًا أو ظفرًا وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة). رواه الجماعة. 7 - وعن شداد بن أوس: (عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: إن اللّه كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته). رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه. 8 - وعن ابن عمر: (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أمر أن تحد الشفار وأن توارى عن البهائم وقال إذا ذبح أحدكم فليجهز). رواه أحمد وابن ماجه. 9 - وعن أبي هريرة قال: (بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج منى ألا إن الذكاة في الحلق واللبة ولا تجعلوا الأنفس أن تزهق وأيام منى أيام أكل وشرب وبعال). رواه الدارقطني. - حديث ابن عمر في إسناده عند ابن ماجه ابن لهيعة وفيه مقال معروف ويشهد له الحديث الذي قبله. وحديث أبي هريرة في إسناده سعيد بن سلام العطار قال أحمد كذاب وقد تقدم ما يشهد له في صلاة العيد. قوله: (إنا نلقى العدو غدًا) لعله عرف ذلك بخبر أو بقرينة. قوله: (وليس معنا مدى) بضم الميم مخفف مقصور جمع مدية بسكون الدال بعدها تحتانية وهي السكين سميت بذلك لأنها تقطع مدى الحيوان أي عمره والرابط بين قوله نلقى العدو وليس معنا مدى يحتمل أن يكون مراده أنهم إذا لقوا العدو صاروا بصدد أن يغنموا منهم ما يذبحونه ويحتمل أن يكون مراده أنهم يحتاجون إلى ذبح ما يأكلونه ليتقووا به على العدو إذا لقوه. قوله: (ما أنهر الدم) أي أساله وصبه بكثرة شبهه بجري الماء في النهر قال عياض: هذا هو المشهور في الروايات بالراء وذكره أبو ذر بالزاي وقال النهز بمعنى الدفع وهو غريب وما موصولة في موضع رفع بالابتداء وخبرها فكلوا والتقدير ما أنهر الدم فهو حلال فكلوا ويحتمل أن تكون شرطية. ووقع في رواية إسحاق عن الثوري كل ما أنهر الدم ذكاة وما في هذا موصوفة. قوله: (وذكر اسم اللّه عليه) فيه دليل على اشتراط التسمية لأنه علق الأذن بمجموع الأمرين وهما الإنهار والتسمية والمعلق على شيئين لا يكتفى فيه إلا باجتماعهما وينتفي بانتفاء أحدهما وقد تقدم الكلام على ذلك. قوله: (وسأحدثكم) اختلف في هذا هل هو من جملة المرفوع أو مدرج. قوله: (أما السن فعظم) قال البيضاوي: هو قياس حذفت منه المقدمة الثانية لشهرتها عندهم والتقدير أما السن فعظم وكل عظم لا يحل الذبح به وطوى النتيجة لدلالة الاستثناء عليها. وقال ابن الصلاح في مشكل الوسيط: هذا يدل على أنه عليه السلام كان قد قرر كون الذكاة لا تحصل بالعظم فلذلك اقتصر على قوله: (فعظم) قال: ولم أر بعد البحث من نقل للمنع من الذبح بالعظم معنى يعقل وكذا وقع في كلام ابن عبد السلام. وقال النووي: معنى الحديث لا تذبحوا بالعظام فإنها تنجس بالدم وقد نهيتم عن تنجيسها لأنها زاد إخوانكم من الجن. وقال ابن الجوزي في المشكل هذا يدل على أن الذبح بالعظم كان معهودًا عندهم أنه لا يجزئ وقررهم الشارع على ذلك. قوله: (وأما الظفر فمدى الحبشة) أي وهم كفار وقد نهيتم عن التشبه بهم قاله ابن الصلاح وتبعه النووي. وقيل نهى عنهما لأن الذبح بهما تعذيب للحيوان ولا يقع به غالبًا إلا الخنق الذي هو على صورة الذبح. واعترض على الأول بأنه لو كان كذلك لامتنع الذبح بالسكين وسائر ما يذبح به الكفار وأجيب بأن الذبح بالسكين هو الأصل. وأما ما يلتحق بها فهو الذي يعتبر فيه التشبه ومن ثم كانوا يسألون عن جواز الذبح بغير السكين وروي عن الشافعي أنه قال السن إنما يذكي بها إذا كانت منتزعة فأما وهي ثابتة فلو ذبح بها لكانت منخنقة يعني فدل على عدم جواز التذكية بالسن المنتزعة بخلاف ما نقل عن الحنفية من جوازه بالسن المنفصلة. قال: وأما الظفر فلو كان المراد به ظفر الإنسان لقال فيه ما قال في السن لكن الظاهر أنه أراد به الظفر الذي هو طيب من بلاد الحبشة وهو لا يقوى فيكون في معنى الخنق. قوله: (فأحسنوا القتلة) بكسر القاف وهي الهيئة والحالة. قوله: (فأحسنوا الذبح) قال النووي في شرح مسلم: وقع في كثير من النسخ أو أكثرها فأحسنوا الذبح بفتح الذال بغير هاء وفي بعضها الذبحة بكسر الذال وبالهاء كالقتلة وهي الهيئة والحالة. قوله: (وليحد) بضم الياء يقال أحد السكين وحددها واستحدها بمعنى وليرح ذبيحته بإحداد السكين وتعجيل إمرارها وغير ذلك. قوله: (وأن توارى عن البهائم) قال النووي: ويستحب أن لا يحدد السكين بحضرة الذبيحة وأن لا يذبح واحدة بحضرة أخرى ولا يجرها إلى مذبحها. قوله: (فليجهز) بالجيم والزاي أي يسرع في الذبح. قوله: (واللبة) هي المنحر من البهائم وهي بفتح اللام وتشديد الموحدة. قوله: (ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق) بالزاي أي ألاَّ تسرعوا في شيء من الأعمال المتعلقة بالذبيحة قبل أن تموت. 10 - وعن ابن عباس وأبي هريرة قالا: (نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن شريطة الشيطان وهي التي تذبح فيقطع الجلد ولا تفرى الأوداج). رواه أبو داود. 11 - وعن أسماء ابنة أبي بكر قالت: (نحرنا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فرسًا فأكلناه). متفق عليه. 12 - وعن أبي العشراء عن أبيه قال: (قلت يا رسول اللّه أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة قال لو طعنت في فخذها لأجزأك). رواه الخمسة وهذا فيما لم يقدر عليه. 13 - وعن رافع بن خديج قال: (كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في سفر فند بعير من إبل القوم ولم يكن معهم خيل فرماه رجل بسهم فحبسه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما فعل منها هذا فافعلوا به هكذا). رواه الجماعة. - حديث ابن عباس وأبي هريرة قال المنذري في إسناده عمرو بن عبد اللّه الصنعاني وقد تكلم فيه غير واحد. وحديث أبي العشراء قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة ولا يعرف لأبي العشراء عن أبيه غير هذا الحديث. قال الخطابي: وضعفوا هذا الحديث لأن رواته مجهولون وأبو العشراء لا يدرى من أبوه ولم يرو عنه غير حماد بن سلمة. قال في التلخيص: وقد تفرد حماد بن سلمة بالرواية عنه يعني أبا العشراء على الصحيح وهو لا يعرف حاله. قوله: (عن شريطة الشيطان) أي ذبيحته وهي المذكورة في الحديث والتفسير ليس من الحديث بل زيادة رواها الحسن بن عيسى أحد رواته كما صرح به أبو داود في السنن قال في النهاية: شريطة الشيطان قيل هي الذبيحة التي لا يقطع أوداجها ولا يستقصى ذبحها وهو من شرط الحجام وكان أهل الجاهلية يقطعون بعض حلقها ويتركونها حتى تموت وإنما أضافها إلى الشيطان لأنه هو الذي حملهم على ذلك وحسن هذا الفعل لديهم وسوله لهم انتهى. قوله: (عن أبي العشراء) بضم العين المهملة وفتح الشين المعجمة قال أبو داود: واسمه عطارد بن بكرة ويقال ابن قهطم ويقال اسمه عطارد بن مالك بن قهطم. قوله: (لو طعنت في فخذها) الخ قال أهل العلم بالحديث: هذا عند الضرورة كالتردي في البئر وأشباهه وقال أبو داود بعد إخراجه: هذا لا يصح إلا في المتردية والنافرة والمتوحشة. قوله: (نحرنا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فرسًا) فيه أن النحر يجزئ في الخيل كما يجزئ في الإبل. قال ابن التين: الأصل في الإبل النحر وفي الشاة ونحوها الذبح وأما البقر فجاء في القرآن ذكر ذبحها وفي السنة ذكر نحرها واختلف في ذبح ما ينحر ونحر ما يذبح فأجازه الجمهور ومنع منه ابن القاسم. قوله: (فند بعير) أي نفر وهو بفتح النون وتشديد الدال. قوله: (فحبسه) أي أصابه السهم فوقف. قوله: (أوابد) جمع آبدة بالمد وكسر الموحدة أي غريبة يقال جاء فلان بآبدة أي بكلمة أو فعلة منفرة يقال أبدت بفتح الموحدة تأبد بضمها ويجوز الكسر ويقال تأبدت أي توحشت والمراد أن لها توحشًا. ـ وفي الحديث ـ جواز أكل ما رمي بالسهم فجرى في أي موضع كان من جسده بشرط أن يكون وحشيًا أو متوحشًا وإليه ذهب الجمهور وروي عن مالك والليث وسعيد بن المسيب وربيعة أنه لا يحل الأكل لما توحش إلا بتذكية في حلقه أو لبته.
|