الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **
قال اللّه تعالى 1 - وعن جابر قال (جعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في الضبع يصيبه المحرم كبشا وجعله من الصيد ). رواه أبو داود وابن ماجه. الحديث أخرجه أيضا بقية أهل السنن وابن حبان وأحمد والحاكم في المستدرك قال الترمذي سألت عنه البخاري فصصحه وكذا صححه عبد الحق وقد أعل بالوقف وقال البيهقي هو حديث جيد تقوم به الحجة ورواه عن جابر عن عمر وقال لا أراه الا رفعه رواه الشافعي موقوفا وصحح وقفه من هذا الوجه الدارقطني ورواه من وجه آخر هو والحاكم مرفوعا ـ وفي الباب ـ عن ابن عباس عن الدارقطني والبيهقي قال البيهقي روى موقوفا عن ابن عباس والأية الكريمة أصل أصيل في وجوب الجزاء على من قتل صيدا وهو محرم ويكون الجزاء مماثلا للمقتول ويرجع في ذلك إلى حكم عدلين كما ذهب إليه مالك وهو ظاهر الآية وقيل أنه لا يرجع إلى حكم العدلين إلا فيما لا مثل له وأما فيما له فيرجع فيه إلى ما حكم به السلف وإلا يحكم فيه السلف رجع إلى ما حكم به عدلان واختلف في أي شيء تعتبر المماثلة فقيل في الشكل أو الفعل وقيل في القيمة ـ والحديث يدل ـ على أن الضبع صيد وإن فيه كبشا. 2 - وعن محمد بن سيرين (إن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال إني أجريت أنا وصاحب لي فرسين نستبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبيا ونحن محرمان فماذا ترى فقال عمر لرجل بجنبه تعال حتى نحكم أنا وأنت فقال فحكما عليه بعنز فولي الرجل وهو يقول هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلا فحكم معه فسمع عمر قول الرجل فدعاه فسأله هل تقرأ سورة المائدة فقال لا فقال هل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي فقال لو أخبرتني أنك سورة المائدة لأوجعتك ضربا ثم قال إن اللّه عز وجل يقول في كتابه رواه مالك في الموطأ. 3 - وعن جابر (إن عمر قضي في الضبع بكبش في الغزال بعنز وفي الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة ). رواه مالك في الموطأ. 4 - وعن الأجلح بن عبد اللّه عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال (في الضبع إذا أصابه المحرم كبش وفي الظبي شاة وفي الأرنب عناق وفي اليربوع جفرة قال والجفرة التي قد أرتعت ). رواه الدارقطني . قال ابن معين الأجلح ثقة وقال ابن عدي صدوق فقال أبو حاتم لا يحتج بحديثه. - الأثر الأول رواه مالك في الموطأ عن عبد الملك بن قريب عن محمد بن سيرين وعبد الملك بن قريب هو الأصمعي وهو ثقة. والأثر الثاني لم يذكر مالك في الموطأ قوله: عن جابر بل رواه عن أبي الزبير إن عمر بن الخطاب قضى في الضبع الخ وأخرجه أيضا الشافعي بسند صحيح عن عمر وأخرج البيهقي عن ابن عباس أنه قضى في الأرنب بعناق. وروى عنه الشافعي من طريق الضحاك أنه قضى بالأرنب بشاة. وأخرج البيهقي عن ابن مسعود أنه قضى في اليربوع بجفرة. ورواه الشافعي عنه من طريق مجاهد وروى أبو يعلى عن عمر وقال لا أراه إلا رفعه أنه حكم في الضبع بشاة وفي الأرنب بعناق وفي اليربوع جفرة وفي الظبي كبش. وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر أنه قضى في الأرنب ببقرة. وروى إبراهيم الحربي في الغريب عن ابن عباس أنه قضى في اليربوع بحمل والحمل ولد الضان الذكر. وحديث جابر أخرجه أيضا البيهقي وأبو يعلى وقالا عن جابر رفعه وأما الدارقطني فرواه من طريق إبراهيم الصائغ عن عطاء عن جابر يرفعه. وكذلك الحاكم. ورواه الشافعي عن مالك عن أبي الزبير موقوفا على جابروصحح وقفه الدارقطني من هذا الوجه كما سلف في أول الباب: قوله: (فحكما عليه بعنز( قد وافقهما على ذلك علي وعثمان وابن عباس وابن عمر وجفرة وزيد بن ثابت وابن الزبير وكذلك وافقوا عمر في إيجاب عناق في الأرنب وجفرة في اليربوع كما حكى ذلك المهدي في البحر عنهم وهو موافق لما في حديث جابر المرفوع المذكور في الباب إلا في الظبي فإنه أوجب فهي شاة ولكنها قد تطلق الشاة على المعز. قال في القاموس الشاة الواحدة من الغنم للذكر والأنثى أو يكون من الضان والعز والظباء والبقر والنعام وحمر الوحش انتهى. قوله: (جفرة( الجفرة بفتح الجيم هي الأنثى من ولد الضان التي بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها والعنز بفتح المهملة وسكون النون بعدها زاي الأنثى من المعز الجمع أعنز وعنوز وعناز.
1 - عن الصعب بن جثامة أنه اهدى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم حمارا وحشيا وهو بالابواء أو بودان فرده عليه فلما رأى ما في وجهه قال انا لم نرده عليك إلا انا حرم). متفق عليه. ولأحمد ومسلم لحم حمار وحش. 2-وعن زيد بن أرقم وقال له ابن عباس يستذكره (كيف أخبرتني عن لحم صيد أهدى إلى رسول اللّه وهو حرام فقال أهدي له عضو من لحم صيد فرده وقال أنا لا نأكله اناحرم). رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. قوله: (حمارا وحشيا) هكذا رواية مالك ولم تختلف عنه الرواة في ذلك وتابعه على ذلك عامة الرواة عن الزهري وخالفهم ابن عيينة فقال لحم حمار وحش كما وقع في الرواية الأخيرة وبين الحميدي أنه كان يقول حمار وحش ثم صار يقول لحم حمار وحش فدل على اضطرابه فيه. قال في الفتح وقد توبع على قوله: لحم حمار وحش من أوجه فيها مقال ثم ساقها ولكنه يقوي ما رواه ابن عيينة حديث ابن عباس المذكور في الباب وقد أخرج مسلم من وجه آخر عن ابن عباس إن الذي أهداه الصعب بن جثامة لحم حمار وأخرجه مسلم أيضا من طريق حبيب ابن أبي ثابت عن سعيد تارة حمار وحش وتارة شق حمار قوله: (بالأبواء) بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمد جبل من أعمال الفرع بضم الفاء والراء بعدها مهملة قيل سمي بالأبواء لوبائه وقيل لأن السيول تتبوؤه أي تحله. قوله: (أو بودان) شك من الراوي وهو بفتح الواو وتشديد الدال آخره نون موضع بقرب الجحفة. قوله: (فرده) اتفقت الروايات كلها على أنه رده عليه كما قال الحافظ إلا ما رواه ابن وهب والبيهقي من طريقه بإسناد حسن من طريق عمرو بن أمية أن الصعب أهدى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم عجز حمار وحش وهو بالجحفة فأكل منه وأكل القوم قال البيهقي إن كان هذا محفوظا حمل على أنه رد الحي وقيل اللحم. قال الحافظ وفي هذا الجمع نظر فإن الطرق كلها محفوظة فلعله رده حيا لكونه صيد لأجله ورد اللحم تارة لذلك وقبله أخرى حيث لم يصد لأجله وقد قال الشافعي في الأم أن كان الصعب اهدي له حمارا حيا فليس للمحرم أن يذبح حمار وحش حي وان كان أهدى له لحما فقد يحتمل أن يكون قد علم أنه صيد له انتهى. ويحتمل أن يكون القبول المذكور في حديث عمرو بن أمية في وقت آخر وهو وقت رجوعه صلى اللّه عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة. قال القرطبي يحتمل أن يكون الصعب أحضر الحمار مذبوحا ثم قطع منه عضوا بحضرة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقدمه له فمن قال أهدى حمارا أراد بتمامه مذبوحا لا حيا ومن قال لحم حمار أراد ما قدمه للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ويحتمل أن يكون من قال حمارا أطلق وأراد بعضه مجازا ويحتمل أنه أهداه له حيا فلما رده عليه ذكاه وأتاه بعضو منه ظانا أنا إنما رده عليه لمعنى يختص بجملته فاعلمه أن حكم الجزء من الصيد حكم الكل والجمع مهما أمكن أولى من توهيم بعض الروايات: قوله: (انا لم نرده عليك) قال في الفتح قال القاضي عياض ضبطناه في الروايات بفتح الدال وأبي ذلك المحققون من أهل العربية وقالوا الصواب أنه بضم الدال لأن المضاعف من المجزوم يراعي فيه الواو التي توجبها ضمه الهاء بعدها قال وليس الفتح بغلط بل ذكره ثعلب في الفصيح نعم تعقبوه عليه بأنه ضعيف وأجازوا فيه الكسر وهو أضعف الأوجه وهي لغة حكاها الأخفش عن بني عقيل وإذا وليه ضمير المؤنث نحو درها فالفتح لازم اتفاقا كذا قال النووي: ووقع في رواية الكشميهني لم نردده بفك الأدغام وضم الأولى وسكون الثانية ولا اشكال فيه. قوله: (الا أنا حرم) زاد النسائي (لانأكل الصيد) وفي حديث ابن عباس (إنا لا نأكله إنا حرم) وقد استدل بهذا من قال بتحريم الأكل من لحم الصيد على المحرم مطلقا لأنه أقتصر في التعليل على كونه محرما فدل على أنه سبب الامتناع خاصة وهو قول علي وابن عباس وابن عمر والليث والثوري وإسحاق والهادوية واستدلوا أيضا بعموم قوله: تعالى 3 - وعن علي (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أتى ببيض النعام فقال انا قوم حرم أطعموه أهل الحل ). رواه أحمد. 4 - وعن عبد الرحمن بن عثمان بن عبد اللّه التيمي وهو ابن أخي طلحة قال كنا مع طلحة ونحن حرم فأهدى لنا طير وطلحة راقد فمنا من أكل ومنا من تورع فلم يأكل فلما استيقظ طلحة وفق من أكله وقال أكلناه مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم). رواه أحمد ومسلم والنسائي. - حديث علي أخرجه أيضا البزار وفي إسناده علي بن زيد وفيه كلام وقد وثق وبقية رجاله رجال الصحيح وهو حديث طويل هذا طرف منه قوله: (أطعموه أهل الحل) لا بد من تقييد هذا الأطلاق بما سلف من اعتبار القصد بأن ذلك للمحرم فيحمل هذا على أنه أخذ البيض قاصدا بأن ذلك لأجل المحرمين جمعا بين الأدلة. وكذلك لابد من تقييد حديث طلحة بأن لا يكون من أهدى لهم الطير صاده لأجلهم وقد اختلف فيما يلزم المحرم إذا أصاب بيضة نعام فقال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي أنه يجب فيها القيمة وقال مالك في رواية عنه قيمة عشر بدنة وقال الشافعي في رواية عنه قيمة عشر النعامة. وقال الهادي يجب فيها صوم يوم واستدل من قال بأن الواجب القيمة بما أخرجه عبد الرزاق والدارقطني والبيهقي من حديث كعب بن عجرة (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قضى في بيض نعامة أصابه محرم بقيمته) وفي إسناده إبراهيم بن أبي يحيى وشيخه حسين بن عبد اللّه وهما ضعيفان. وأخرجه ابن ماجه والدارقطني من حديث أبي المهزم وهو أضعف منهما. واستدل الهادي بما أخرجه الشافعي وأبو داود والدارقطني والبيهقي من حديث عائشة (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم حكم في بيض النعام في كل بيضة صيام يوم) قال عبد الحق لا يسند من وجه صحيح وفي إسناد أبي داود رجل لم يسم وأخرج نحوه الدارقطني من حديث أبي هريرة وهو من طريق ابن جريج عن أبي الزناد ولم يسمع منه كما قال أبو حاتم والدارقطني. قوله: (ابن عبد اللّه التيمي) كذا في نسخ المنتقى والصواب ابن عبيد اللّه مصغرا: قول (وفق من أكله) أي صوبه كذا في شرح مسلم ويحتمل أن يكون معناه دعاله بالتوفيق. 5 - وعن عمير بن سلمة الضمري عن رجل من بهرز (أنه خرج مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يريد مكة حتى إذا كانوا في بعض وادي الروحاء وجد الناس حمار وحش عقيرا فذكروه للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال أقروه حتى يأتي صاحبه فأتى البهزي وكان صاحبه فقال يا رسول اللّه شأنكم هذا الحمار فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أبا بكر فقسمه في الرفاق وهم محرمون قال ثم مررنا حتى إذا كنا بالاثاية إذا نحن بظبي حاقف في ظل فيه سهم فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم رجلا أن يقف عنده حتى يخبر الناس عنه). رواه أحمد والنسائي ومالك في الموطأ. - الحديث صحيح ابن خزيمة وغيره كما قال في الفتح: (أقروه) أي اتركره قوله: (فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أبا بكر) الخ ينبغي أن يقيده هذا الأطلاق بأن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم علم أن البهزي لم يصده لأجلهم بقرينة حال أو مقال للجمع بين الأدلة كم تقدم. قوله: (في الرفاق) جمع رفقة قوله: (بالأثاية) بضم الهمزة وكسرها بعدها ثاء مثلثة وبعد الألف تحتية موضع بين الحرمين فيه مسجد نبوي أو بئر دون العرج قال في القاموس هو بضم الهمزة ويثلث. قوله: (حاقف) قال في القاموس الحاقف الرابض في حقف من الرمل أو يكون منطويا كالحقف وقد انحنى وتثنى في نومه وهو بين الحقوف انتهى. قوله: (فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم) الخ إنما لم يأذن لمن معه بأكله لأمرين. أحدهما أنه حي وهو لا يجوز للمحرم ذبح الصيد الحي. الثاني أن صاحبه الذي رماه صار أحق به فلا يجوز أكله إلا بإذن ولهذا قال صلى اللّه عليه وآله وسلم في حمار البهزي (أقروه حتى يأتي صاحبه للّهرب أما لضعف فيه أو لجناية أصابته أن يأمر من يحفظه من أصحابه. 6 - وعن أبي قتادة قال (كنت يوما جالسا مع رجال من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في منزل في طريق مكة و رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أمامنا والقوم محرمون أو غير محرم علم الحديبية فأبصروا حمارا وحشيا وأنا مشغول أخصف نعلي فلم يؤذونوني وأحبوا لو أني أبصرته فالتفت فأبصرته فقمت إلى الفرس فاسرجته ثم ركبت ثم ركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم ناولوني السوط والرمح قالوا واللّه لا نعينك عليه فغضبت فنزلت فأخذتهما ثم ركبت فشددت على الحمار فعقرته ثم جئت به وقد مات فوقعوا فيه يأكلونه ثم أ،هم شكوا في أكلهم إياه وهم حرما فرحنا وخبأت العضد معي فأدركنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فسألناه عن ذلك فقال هل معكم منه شيء فقلت نعم فناولته العضد فأكلها وهو محرم ). متفق عليه. ولفظه للبخاري ولهم في رواية (هو حلال فكلوه) ولمسم (هل أشار إليه إنسان أو أمره بشيء قالوا لا قال فكلوه) وللبخاري (قال منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها قالوا لا قال فكلوا ما بقي من لحمها). - قوله: (أما منا) بفتح الهمزة قوله: (عام الحديبية) هذا هو الصواب ووقع في رواية للبخاري (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم خرج حاجا) وهو غلط كما قال الإسماعيلي فإن القصة كانت في العمرة. وقال الحافظ لا غلط في ذلك بل هو من المجاز الشائع وأيضا فالحج في الأصل القصد للبيت فكأنه قال خرج قاصدا للبيت ولهذا يقال للعمرة الحج الأصغر. قوله: (واللّه لا نعنيك) زاد أبو عوانة إنا محرمون وفيه دليل على أنهم قد كانوا علموا أنه يحرم على المحرم الإعانة على قتل الصيد. قوله: (وخبأت) وفي رواية للبخاري (فحملنا ما بقي من لحم الأتان) قوله: (فكلوه) صيغة الأمر هنا للإباحة لا للوجوب لأنها وقعت جوابا عن سؤالهم عن الجواز لا عن الوجوب فوقعت على مقتضى السؤال. قوله: (قال منكم أحد) الخ في رواية للبخاري قال أمنكم بزيادة الهمزة ولفظ مسلم هل منكم أحد أمره. فيه دليل على مجرد الأمر من المحرم للصائد بأن يحمل على الصيد والإشارة منه مما يوجب عدم الحل لمشاركته للصائد. قوله: (أن يحمل عليها أو أشار إليها) الضمير راجع إلى الإتان لأنه لا يطلق إلا على الأنثى وهي مذكورة في رواية البخاري ولفظه فرأينا حمر وحش فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا فنزلنا فأكلنا من لحمها ثم قلنا أنأكل لحم صيد ونحن محرموم فحملنا ما بقي من لحمها قال منكم أحد أمره الخ والروايات متفقة على إفراد الحمار بالرؤية وأفاد هذه الرواية أن الحمار من جملة حمروان المقتول كان أتانا أي أنثي لقوله: فعقر منها أتانا ـ والحديث ـ في فوائد منها أنه يحل للمحرم لحم ما يصيده الحلال إذ لم يكن صاده لأجله ولم يقع منه إعانة له وقد تقدم الخلاف في ذلكز ومنها أن مجرد محبة المحرم أن يقع بين الحلال الصيد فيأكل منه غير قادحة في إحرامه ولا في حل الأكل منه. ومنها إنعقر الصيد ذكاته وسيأتي الكلام عليه إن شاء اللّه تعالى. ومنها جواز الاجتهاد في زمن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وبالقرب منه. 7 - وعن أبي قتادة قال (خرجت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم زمن الحديبية فأحرم أصحابي ولم أحرم فرأيت حمارا فحملت عليه فاصطدته فذكرت شأنه لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وذكرت أني لم أكن أحرمت وإني إنما اصطدته لك فأمر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أصحابه فأكلوا ولم يأكل منه حين أخبرته أني إصطدته له). رواه أحمد وابن ماجه بإسناد جيد. قال أبو بكر النيسابوري قوله: أني إصطدته لك وأنه لم يأكل منه لا أعلم أحدا قاله في هذا الحديث غير معمر. - الحديث أخرجه أيضا الدارقطني والبيهقي وابن خزيمة وقد قال بمثل مقالة النيسابوري التي ذكرها المصنف ابن خزيمة والدارقطني والجوزقي. قال ابن خزيمة إن كانت هذه الزيادة محفوظة أحتمل أن يكون صلى اللّه عليه وآله وسلم أكل من لحم ذلك الحمار من قبل أن يعلمه أبو قتادة أنه إصطاده من أجله فلما علن امتنع وفي نظر أنه لو كان حراما عليه صلى اللّه عليه وآله وسلم ما أقره اللّه تعالى على الأكل حتى يعلمه أبو قتادة لأنه صاده لأجله ويحتمل أن يكون ذلك لبيان الجواز وأن الذي يحرم على المحرم إنما هو الذي يعلم أنه صيد من أجله وأما إذا أتى بلحم لا يدري ألحم صيد أم لا وهل صيد لأجله أم لا فحله على أصل الإباحة فلا يكون حراما عليه عند الأكل ولكنه يبعد هذا ما تقدم من أنه لم يبق إلا العضد. وقال البيهقي هذه الزيادة غريبة يعني قوله: أني إصطدته لك قال والذي في الصحيحين أنه أكل منه. وقال النووي في شرح المهذب يحتمل أنه جرى لأبي قتادة في تلك السفرة قصتان قال ابن حزم لا يشك أحد لأن أبا قتادة لم يصد الحمار إلا لنفسه ولإصحابه وهم محرمون فلم يمنعهم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من أكله وكأنه يقول بأنه يحل صيد الحلال للمحرم مطلقا وهو أحد أقوال السابقة. وقال ابن عبد البركان إصطياد أبي قتادة الحمر لنفسه لا لاصحابه وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وجه أبا قتادة على طريق البحر مخافة العدو فلذلك لم يكن محرما عند اجتماعه بأصحابه لأن مخرجهم لم يكن واحدا. قال الأثرم كنت أسمع أصحاب الحديث يتعجبون من هذا الحديث ويقولون كيف جاز لأبي قتادة مجاورة الميقات بلا احرام ولا يدروز ما وجهه حتى رأيته مفسرا في حديث عياض عن أبي سعيد قال خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فأحرمنا لما كان مكان كذا وكذا إذا نحن بأبي قتادة كان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بعثه في شيء سماه فذكر حديث الحمار الوحشي انتهى. والحديث من جملة أدلة الجمهور القائلين بأنه يحرم صيد الحلال على المحرم إذا صاده لأجله ويحل له إذا لم يصده لأجله ولهذا لما أخبر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بأنه صاده لأجله لم يأكل منه وأمر أصحابه بالأكل. 8 - وعن جابر (إن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال صيد البر لكم حلال وأنتم حرم مالم تصيدوه أو يصد لكم). رواه الخمسة إلى ابن ماجه: وقال الشافعي هذا أحسن حديث روي في هذا الباب وأقيس. - الحديث أخرجه أيضا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي وهو من رواية عمرو بن أبي عمر ومولى المطلب بن عبد اللّه بن حنطب عن مولاه المطلب عن جابر وعمرو مختلف فيه مع كونه من رجال الصحيحين ومولاه قال الترمذي لا يعرف له سماع من جابر وقال في موضع آخر قال محمد لا أعرف له سماعا من أحد من الصحابة إلى قوله: حدثني من شهد خطبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم. وقد رواه الشافعي عن عمرو عن رجل من الأنصار عن جابر. ورواه الطبراني عن عمرو وعن المطلب عن أبي موسى وفي إسناده يوسف بن خالد السمتي وهو متروك ورواه الخطيب عن مالك عن نافع عن ابن عمر وفي إسناده عثمان ابن خالد المخزومي وهو ضعيف جدا هذا الحديث صريح في التفرقة بين أن يصيده المحرم أو يصيده غيره له وبين أن لا يصيده المحرم ولا يصاد له بل يصيده الحلال لنفسه ويطعمه المحرم ومقيد لبقية الأحاديث المطلقة كحديث الصعب وطلحة وأبي قتادة ومخصص لعموم الآية المتقدمة.
1 - عن ابن عباس قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يوم فتح مكة إن هذا البلد حرام لا يعضد شوكه ولا يختلى خلاه ولا ينفر صيده ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف فقال العباس إلا الاذخر فإنه لابد لهم منه فإنه للقيون والبيوت فقال إلا الاذخر). 2 - وعن أبي هريرة (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لما فتح مكة قال لا ينفر صيدها ولا يختلى شوكها ولا تحل ساقطتها الا لمنشد فقال العباس الاذخر فانا نجعله لقبورنا وبيوتنا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إلا الاذخر ). متفق عليهما. وفي لفظ لهم (لا يعضد شجرها بدل قوله: لا يختلى شوكها ). - قوله: (لا يعضد شوكها( بضم أوله وسكون المهملة وفتح الضاد المعجمة أي لا يقطع. وفي رواية للبخاري (ولا يعضد بها شجرة( قال القرطبي خص الفقهاء الشجر المنهى عنه بما ينبته اللّه تعالى من غير آدمي فأما ما ينبت بمعالجة آدمي فاختلف فيه الجمهور على الجواز. وقال الشافعي في الجميع الجزاء ورجحه ابن قدامة واختلفوا في جزاء ما قطع من النوع الأول فقال مالك لاجزاء فيه بل يأثم وقال عطاء يستغفر. وقال أبو حنيفة بقيمته هدى. وقال الشافعي في العظيمة بقرة وفيما دونها شاة. قال ابن العربي اتفقوا على تحريم قطع شجر الحرم الا ان الشافعي أجاز قطع السواك من فروع الشجرة كذا نقله أبو ثور عنه وأجاز أيضا أخذ الورق والثمر إذا كان لا يضرها ولا يهلكها وبهذا قال عطاء ومجاهد وغيرهما وأجازوا قطع الشوك لكونه يؤذي بطبعه فأشبه الفواسق ومنعه الجمهور لنهيه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن ذلك كما في حديثي الباب والقياس مصادم لهذا النص فهو فاسد الاعتبار وهوأيضا قياس غير صحيح لقيام الفارق فإن الفواسق المذكورة تقصد بالأذى بخلاف الشجر قال ابن قدامة ولا بأس بالانتفاع بما انكسر من الأغصان وانقطع من الشجر من غير صنيع الآدمي ولا بما يسقط من الورق نص عليه أحمد ولا نعلم فيه خلافا انتهى: قوله: (ولا يختلى خلاه( الخلا بالخاء المعجمة مقصور وذكر ابن التين أنه وقع في رواية القابسي بالمد وهو الرطب من النبات واختلاؤه قطعه واحتشاشه واستدل به على تحريم رعيه لكونه أشد من الاحتشاش وبه قال مالك والكوفيون واختاره الطبري وتخصيص التحريم بالرطب اشارة إلى جواز رعي اليابس وجواز اختلائه وهو أصح الوجهين للشافعية لأن اليابس كالصيد الميت. قال ابن قدامة لكن في استثناء الاذخر اشارة إلى تحريم اليابس ويدل عليه إن في بعض طرق حديث أبي هريرة ولا يحتش حشيشها قال وأجمعوا على إباحة أخذ ما استنبته الناس في الحرم من بقل وزرع ومشموم فلا بأس برعيه واختلائه. قوله: (ولا ينفر صيده( بضم أوله وتشديد الفاء المفتوحة قيل هو كناية عن الأصطياد وقيل على ظاهره. قال النووي يحرم التنفير وهو الأزعاج عن موضعه فإن نفره عصى تلف أولا وإن تلف في نفارة قبل سكونه ضمن وإلا فلا قال قال العلماء يستفاد من النهي عن التنفير تحريم الاتلاف بالأولى. قوله: (ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف( وكذلك قوله: في الحديث الثاني (ولا تحل ساقطتها إلا المنشد( يأتي الكلام على هذا في اللقطة إن شاء اللّه تعالى. قوله: (إلا الاذخر( بكسر الهمزة وسكون الذال المعجمة وكسر الخاء المعجمة أيضا: قال في الفتح نبت معروف عند أهل مكة طيب الريح له أصل مندفن وقضبان دقاق ينبت في السهل والحزن وأهل مكة يسقفون به البيوت بين الخشب ويسددوه به الخلل بين اللبنات في القبور. ويجوز في قوله: إلا الاذخر الرفع على البدل مما قبله والنصب على الأستثناء واستدل به على جواز الأجتهاد منه صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلى جواز الفصل بين المستثني والمستثنى منه والكلام في ذلك معروف في الأصول واستدل به أيضا على جواز النسخ قبل الفعل وهو ليس بواضح كما قال الحافظ: قوله: (فإنه للقيون( جمع قين وهو الحداد. قوله: (لقبورنا وبيوتنا( قد سلف بيان الانتفاع به في القبور والبيوت. 3 - وعن عطاء (أن غلاما من قريش قتل حمامة من حمام مكة فأمر ابن عباس أن يفدى عنه بشاة ). رواه الشافعي. - الأثر أخرجه أيضا ابن أبي شيبة والبيهقي من طرق. وفي الباب عن جماعة من الصحابة منهم علي عند الشافعي وابن عمر عند ابن أبي شيبة وعن عمر وعثمان عند الشافعي وابن أبي شيبة فهؤلاء قضى كل واحد منهم بشاة في الحمامة وقد روى مثل ذلك عن جماعة من التابعين كعاصم بن عمر رواه عنه الشافعي والبيهقي وسعيد بن المسيب رواه عنه البيهقي وعن نافع ابن عبد الحرث رواه عنه الشافعي وروى عن مالك أنه قال في حمام الحرم الحزاء وفي حمام الحل القيمة.
1 - عن عائشة قالت (أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بقتل خمس فواسق في الحل والحرام الغراب والحدأة والعقرب الفأرة والكلب العقور ). متفق عليه. 2 - وعن ابن عمر (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور ). رواه الجماعة إلا الترمذي. وفي لفظ (خمس لا جناح على من قتلهن في الحرم والاحرام الفأرة والعقرب والغراب والحديا والكلب العقور( رواه أحمد ومسلم والنسائي. 3 - وعن ابن مسعود (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أمر محرما بقتل حية بمنى ). رواه مسلم. 4 - وعن ابن عمر وسئل ما يقتل الرجل من الدواب وهو محرم فقال حدثني احدي نسوة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب والحدأة والغراب والحية ). رواه مسلم. 5 - وعن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم (قال خمس كلهن فاسقة يقتلهن المحرم ويقتلن في الحرم الفأرة والعقرب والحية والكلب العقور والغراب ). رواه أحمد. - حديث ابن عباس أورده في التخيص وسكت عنه وأخرجه أيضا البزار والطبراني في الكبير والأوسط وفي إسناده ليث ابن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس: قوله: (خمس( ذكر الخمس يفيد بمفهومه نفي هذا الحكم عن غيرها وليس بحجة ولكنه عند الأكثر وعلى تقديره اعتبار فيمكن أن يكون قاله صلى اللّه عليه وآله وسلم أولا ثم بين بعد ذلك أن غير الخمس تشترك معها في ذلك الحكم فقد ورد زيادة الحية وهي سادسة كما في حديث ابن عمر وحديث ابن مسعود وحديث ابن عباس المذكور في الباب وزاد أبو داود من حديث أبي سعيد (السبع العادي( وزاد ابن خزيمة وابن المنذر من حديث أبي هريرة الذئب والنمر فصارت تسعاقال في الفتح لكن أفاد ابن خزيمة عن الذهلي أن ذكر الذئب والنمر من تفسير الراوي للكلب العقور قال ووقع ذكر الذئب في حديث مرسل أخرجه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وأبو داود من طريق سعيد بن المسيب قال قال صلى اللّه عليه وآله وسلم (يقتل المحرم الحية والذئب( ورجاله ثقات وأخرج أحمد من طريق حجاج بن أرطأة عن وبرة ابن عمر أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بقتل الذئب للمحرم. وحجاج ضعيف وقد خولف وروي موقوفا كما أخرجه ابن أبي شيبة. قوله: (خمس فواسق( قال النووي هو بإضافة خمس لا تنوينة وجوز ابن دقيق العيد الوجهين وأشار إلى ترجيح الثاني قال النووي تسميته هذه الخمس فواسق تسمية صحيحة جارية على وفق اللغة فإن أصل الفسق لغة الخروج ومنه فسقت الرطبة إذا خرجت عنها قشرها فوصفت بذلك لخروجها عن حكم غيرها من الحيوان في تحريم قتله أو حل أكله أو خروجها بالإيذاء والإفساد. قوله: (في الحل والحرام( ورد في لفظ عند مسلم أمر وعند أبي عوانة ليقتل المحرم وظاهر الأمر الوجوب ويحتمل الندب والإباحة وقد روى البزار من حديث أبي رافع أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أمر بقتل العقرب والفأرة والحية والحدأة وهذا الأمر ورد بعد نهي المحرم عن القتل وفي الأمر الوارد بعد النهي خلاف معروف في الأصول حل يفيد الوجوب أولا. وفي لفظ لمسلم أذن وفي لفظ لأبي داود قتلهن حلال للمحرم. قوله: (الغراب( هذا الإطلاق مقيد بما عند مسلم من حديث عائشة بلفظ الأبقع وهو الذي في ظهره أو بطنه بياض ولا عذر لمن قال يحمل المطلق على المقيد من هذا وقد اعتذر ابن بطال وابن عبد البر عن قبول هذه الزيادة بأنها لم تصح لأنها من رواية قتادة وهو مدلس وقد تعقب ذلك الحافظ بأن شعبة لا يروي عن شيوخه المدلسين إلا ما هو مسموع لهم وهذه الزيادة من رواية شعبة بل صرح النسائي بسماع قتادة واعتذر بأن قدامة عن هذه الرزيادة بأن الروايات المطلقة أصح وهو اعتذار فاسد لأن الترجيح فرع التعارض ولا تعارض بين مطلق ومقيد ولا بين مزيد وزيادة غير منافية. قال في الفتح وقد اتفق العلماء على إخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب من ذلك ويقال له غراب الزرع وأفتوا بجواز أكله فبقي ما عداع من الغربان ملحقا بالأبقع انتهى. قال ابن المنذر أباح كل من يحفظ عنه العلم قتل الغراب في الإحرام إلا عطاء. قال الخطابي لم يتابع أحد عطاء على هذا: قوله: (والحدأة( بكسر الحاء المهملة وفتح الدال بعدها همزة بغير مد على وزن عنبة وحكى صاحب المحكم فيه المد: قوله: (والعقرب( قال الفتح هذا اللفظ للذكر والأنثى وقد يقال عقربة وعقرباء وليس منها العقربان بل هي دويبة كثيرة القوائم. قال ابن المنذر لا نعلمهم اختلفوا في جواز قتل العقرب: قوله: (والفأرة( بهمزة ساكنة ويجوز فيها التسهيل قال في الفتح ولم يختلف العلماء في جواز قتلها للمحرم إلا ما حكى عن إبراهيم النخعي فإنه قال فيها جزاء إذا قتلها المحرم أخرجه عنه ابن المنذر وقال هذا خلاف السنة وخلاف قول جميع أهل العلم: قوله: (والكلب العقور( اختلف في المراد بالكلب العقور فروى سعيد بن منصور عن أبي هريرة بإسناد حسن كما قال الحافظ أنه الأسد وعن زيد بن أسلم أنه قال وأي كلب أعقر من الحية. وقال زفر المراد به هنا الذئب خاصة وقال في الموطأ كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم مثل الأسد والنمر والفهد والذئب فهو عقور وكذا نقل أبو عبيد عن سفيان وهو قول الجمهور. وقال أبو حنيفة والمراد به هنا الكلب خاصة ولا يلتحق به في هذا الحكم سوى الذئب احتج الجمهور بقوله: تعالى ـ فإن قيل ـ اللام في الكلب تفيد العموم قلنا بعد تسليم ذلك لا يفيد إلا إذا كان إطلاق الكلب على كل واحد منها حقيقة وهو ممنوع والسند أنه لا يتبادر عند إطلاق لفظ الكلب إلا الحيوان المعروف والتبادر علامة الحقيقة وعدمه علامة المجاز والجمع بين الحقيقة والمجاز لا يجوز نعم إلحاقما عقر من السباع بالكلب العقور بجامع العقر صحيح وأما أنه داخل تحت لفظ الكلب فلا: قوله: (من الدواب( بتشديد الباء الموحدة جمع دابة وهي ما دب من الحيوان من غير فرق بين الطير وغيره ومن أخرج الطير من الدواب فهذا الحديث من جملة ما يرد به عليه: قوله: (والحدايا( بضم أوله وتشديد الياء التحتانية مقصورا وهي لغة حجازية قال قاسم بن ثابت الوحجه الهمزة وكأنه سهل ثم أضغم : قوله: (والحية( قال نافع لما قيل له فالحية قال لار يختلف فيها وفي رواية ومن يشك فيها وتعقبه ابن عبد البر بما أخرجه ابن أبي شيبة عن الحكم وحماد أنهما قالا لا يقتل المحرم الحية ولا العقرب والأحاديث ترد عليهما وعند المالكية خلاف في قتل صغار الحيات والعقارب التي لا تؤذي.
1 - عن عبد اللّه بن عدي بن الحمراء (أنه سمع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول وهو واقف بالحزورة في سوق مكة واللّه إنك لخير أرض اللّه وأحب أرض اللّه إلى اللّه ولولا أني أخرجت منك ما خرجت ). رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه. 2 - وعن ابن عباس قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لمكة ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك ). رواه الترمذي وصححه. - قوله: (بالحزورة(بالحزورة بفتح الحاء المهملة والزاي وفتح الواو المشددة بعدها راء ثم هاء هي الرابية الصغيرة. وفي القاموس الحزورة كقسورة الناقة المقتلة المذللة والرابية الصغيرة انتهى: قوله: (إنك لخير أرض اللّه( فيه دليل على أن مكة خير أرض اللّه على الإطلاق وأحبها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وبذلك استدل من قال انها أفضل من المدينة قال القاضي عياض إن موضع قبره صلى اللّه عليه وآله وسلم أفضل بقاع الأرض وإن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض واختلفوا في أفضلها ما عدا موضع قبره صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال أهل مكة والكوفة والشافعي وابن وهب وابن حبيب المالكيان إن مكة أفضل واليه مال الجمهور وذهب عمر وبعض الصحابة ومالك وأكثر المدنيين إلى أن المدينة أفضل واستدل الأولون بحديث عبد اللّه بن عدي المذكور في الباب. وقد أخرجه ابن خزيمة وابن حبان وغيرهم. قال ابن عبد البر هذا نص في محل الخلافة فلا ينبغي العدول عنه وقد إدعى القاضي عياض الاتفاق على استثناء البقعة التي قبر فيها صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلى أنها أفضل البقاع قيل لأنه قد روى أن المرء يدفن في البقعة التي أخذ منها ترابه عندما يخلق كما روى ذلك ابن عبد البر في تمهيده من طريق عطاء الخراساني موقوفا. ويجاب عن هذا بأن أفضلية البقعة التي خلق منها صلى اللّه عليه وآله وسلم إنما كان بطريق الاستنباط ونصبه في مقابلة النص الصريح الصحيح غير لائ ق على أنه معارض بما رواه الزبري بن بكار أن جبريل أخذ التراب الذي منه خلق صلى اللّه عليه وآله وسلم من تراب الكعبة فالبقعة التي خلق منها من بقاع مكة وهذا لا يقصر عن الصلاحية لمعارضة ذلك الموقوف لا سيما وفي إسناده عطاء الخراساني نعم إن صح الاتفاق الذي حكاه عياض كان هو الحجة عند من يرى أن الإجماع حجة (وقد استدل) القائلون بأفضلية المدينة بأدلة منها حديث (ما بين قبري ومنبري روض من رياض الجنة( كما في البخاري وغيره مع قوله: صلى اللّه عليه وآله وسلم (موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها( وهذا أيضا مع كونه لا ينتهض لمعارضة ذلك الحديث المصرح بالأفضلية هو أخص من الدعوة لأن غاية ما فيه أن ذلك الموضع بخصوصه من المدينة فاضل وأنه غير محل النزاع. وقد أجاب ابن حزم عن هذا الحديث بأن قوله: أنها من الحنة مجاز إذ لو كن حقيقة لكانت كما وصف اللّه الجنة
1 - عن علي عليه السلام قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم المدينة حرم ما بين عير إلأى ثور ). مختصر من حديث متفق عليه. 2 - وفي حديث علي عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في المدينة (لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقتطها إلا لمن أشاد بها ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال ولا يصلح أن نقطع فيها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره ). رواه أحمد وأبو داود. 3 - وعن عباد بن تميم عن عمه (إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها وأني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ). متفق عليه. 4 - وعن أبي هريرة قال (حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ما بين لابتي المدينة وجعل اثني عشر ميلا حول المدينة حمى ). متفق عليه. 5 - وعن أبي هريرة في المدينة قال (سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يحرم شجرها أن يخبط أو يعضد ). رواه أحمد. 6 - وعن أنس (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أشرف على المدينة فقال اللّهم أني احرم ما بين جبليها مثل ما حرم إبراهيم مكة اللّهم بارك لهم في مدهم وصاعهم ). متفق عليه. وللبخاري عنه (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال المدينة حرم من كذا إلى كذا لا يقطع شجرها ولا يحدث فيها حدث من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين( ولمسلم عن عاصم الأحوال قال (سألت أنسا أحرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم المدينة قال نعم هي حرام ولا يختلى خلاها فمن فعل ذلك لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين ). 7 - وعن أبي سعيد (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال إني حرمت المدينة حرام ما بين مأزميها أن لا يهراق فيها دم ولا يحمل فيها سلاح ولا يخبط فيها شجر إلا لعلف ). 8 - وعن جابر قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إبراهيم حرم مكة وأني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها ). رواهما مسلم. 9 - وعن جابر (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال في المدينة حرام ما بين حرتيها وحماها كلها لا يقطع شجره إلا ان يعلف منا ). رواه أحمد. - حديث علي الثاني رجاله رجال الصحيح وأصله في الصحيحين. وحديث جابر الآخر في إسناده ابن لهيعة وحديثه حسن وفي كلام معروف. قوله: (ما بين عَيْر إلى ثور( أما عَيْر فهو بفتح العين المهملة واسكان التحتية وأما ثور فهو بفتح المثلثة وسكون الواو بعدها راء ومن الرواة من كنى عنه بكذا ومنهم من ترك مكانه بياضا لأنهم اعتقدوا إن ذكره هنا خطأ. قال المازري قال بعض العلماء ثور هنا وهم من الراوي وإنما ثور بمكة قال والصحيح إلى أحد قال القاضي كذا قال أبو عبيد أصل الحديث من عير إلى أحد انتهى. قال النووي وكذا قال أبو بكر الحازمي الحافظ وغيره من الأئمة أن أصله من عير إلى أحد قال قلت ويحتمل أن ثورا كان اسما لجبل هناك أما احد وإما غيره فيخفى اسمه وقال مصعب الزبيري ليس بالمدينة عير ولا ثور. قال عياض لا معنى لانكار عير بالمدينة فإنه معروف وكذا قال جماعة من أهل اللغة. قال ابن قدامة يحتمل أن يكون المراد مقدار ما بين عير وثور لا أنهما بعينهما في المدينة أو سمي النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم الجبلين اللذين بطرفي المدينة عيرا وثورا ارتجالا وسبقه إلى الأول أبو عبيدة على ما حكاه ابن الأثير عنه وقال المحب الطبري في الأحكام قد أخبرني الثقة العالم أبو محمد عبد السلام البصري أن حذاء أحد عن يساره جانحا إلى ورائه جبل صغير يقال له ثور وأخبر أنه تكرر سؤاله عنه لطوائف من العرب العارفين بتلك الأرض وما فيها من الجبال فكل أخبر أن ذلك الجبل اسمه ثور وتواردوا على ذلك قال فعلمنا أن ذكر ثور المذكور في الحديث الصحيح صحيح وإن عدم علم أكابر العلماء به لعدم شهرته وعدم بحثهم عنه وهذه فائدة جليلة انتهى. وقد ذكر مثل هذا الكلام في القاموس وقال أبو بكر بن حسين المراغي نزيل المدينة في مختصره لاخبار المدينة ان خلف هل المدينة ينقلون عن سلفهم إن خلف أحد من جهة الشمال جبلا صغيرا إلى الحمرة بتدوير يسمى ثورا قال وقد تحققه بالمشاهدة: قوله: (لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها( قد تقدم تفسير هذه الألفاظ والكلام عليها في باب صيد الحرم وشجره: قوله: (إلا لمن أشاد بها( أي رفع صوته بتعريفها أبدالا لسنة كما في غيرها ولعله يأتي في اللقطة الكلام على لقطة مكة والمدينة وغيرهما. قوله: (ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال( قال ابن رسلان هذا محمول عند أهل العلم على حمل السلاح لغير ضرورة ولاحاجة فإن كانت حاجة جاز. قوله: (ولا يصلح أن يقطع فيها شجرة( استدل بهذا وبما في الأحاديث المذكورة في الباب من تحريم شجرها وخبطه وعضده وتحريم صيدها وتنفيره الشافعي ومالك وأحمد والهادي وجمهور أهل العلم على أن المدينة حرما كحرم مكة يحرم صيده وشجره. قال الشافعي ومالك فإن قتل صيدا أو قطع شجرا فلا ضمان لأنه ليس بمحل للنسك فاشبه الحمى. وقال ابن أبي ذئب وابن أبي ليلى يجب فيه الجزاء كحرم مكة وبه قال بعض المالكية وهو ظاهر قوله: كما حرم إبراهيم وذهب أبوحنيفة وزيد بن علي والناصر إلى أن حرم المدينة ليس يحرم على الحقيقة ولا تثبت له الأحكان من تحريم قتل الصيد وقطع الشجر والأحاديث ترد عليهم واستدلوا بحديث يا أبا عمير مافعل النغير واجيب عنه بأن ذلك كان قبل تحريم المدينة أو إنه من صيد الحل: قوله: (إلا أن يعلف رجل بعيره( فيه دليل على جواز أخذ الأشجار للعلف لا لغيره فإنه لا يحل كما سلف قوله: (ما بين لابتي المدينة( قال أهل اللغة اللابتان الحرتان واحدتهما لابة بتخفيف الموحدة وهي الحرة والحرة الحجارة السود وللمدينة لابتان شرقية وغربية وهي بينهما. قوله: (وجعل أثني عشر ميلا( الخ لفظ مسلم عن أبي هريرة قال (حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ما بين لابتي المدينة قال أبو هريرة فلو وجدت الظباء ما بين لابتيها ما ذعرتها وجعل اثني عشر ليلا حول المدينة حمي( انتهى والضمير في قوله: جعل راجع إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كما يدل على ذلك اللفظ الذي ذكره المصنف ويدل عليه أيضا ما عند أبي داود من حديث عدي بن زيد الجذامي قال حمى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كل ناحية من المدينة بريدا بريدا فهذا مثل ما في الصحيحين لأن البريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال (وهذان الحديثان) فيهما التصريح بمقدار حرم المدينة. قوله: (ان يخبط أو يعضد( الخبط ضرب الشجر ليسقط ورقه والعضد القطع كما تقدم زاد أبو داود في هذا الحديث إلا ما يساق به الجمل. قوله: (ما بين جبليها( قد ادعى بعض الحنفية إن الحديث مضطرب لأنه وقع التحديد في بعض الروايات بالحرتين وفي بعضها باللابتين وفي بعضها بالجبلين وفي بعضها بعير وثور كما تقدم وفي بعضها بالمأزمين كما سيأتي. قال في الفتح وتعقب بأن الجمع بينهما واضح وبمثل هذا لا ترد الأحاديث فإن الجمع لو تعذر أمكن الترجيح ولا شك أن ما بين لابتيها أرجح لتوارد الرواة عليها ورواية جبليها لا تنافيها فيكون عند كل لابة جبل أو لابتيها من جهة الجنوب والشمال وجبليها من جهة الشرق والغرب وتسمية الجبلين في رواية أخرى لا تضر والمأزم قد يطلق على الجبل نفسه كما سيأتي قوله: (اللّهم بارك لهم في مدهم وصاعهم( قال عياض البركة هنا بمعنى النماء والزيادة وقال النووي الظاهر أن المراد البركة في نفس الكيل من المدينة بحيث يكفي المدفيها من لا يكفيه في غيرها. قوله: (من كذا إلى كذا( جاء هكذا مبهما في روايات البخاري فقيل أن البخاري أبهمه عمدا لما وقع عنده أنه وهم ووقع مسلم إلى ثور فالمراد بهذا المبهم من عير إلى ثور وقد تقدم الكلام على ذلك. قوله: (من أحدث فيها حدثا( أي عمل بخلاف السنة كمن ابتدع بها بدعة زاد مسلم وأبو داود في هذا الحديث (أو آوى محدثا ). قوله: (فعليه لعنة اللّه( الخ أي اللعنة المستقرة من اللّه على الكفار وأضيف إلى اللّه على سبيل التخصيص والمراد بلغنة الملائكة والناس المبالغة في الأبعاد عن رحمة اللّه. وقيل المراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه في أول الأمر وليس هو كلعن الكافر واستدل بهذا على أن الحديث في المدينة من الكبائر. قوله: (ما بين مأزميها( قال النووي المأزم بهمزة بعد الميم وكسر الزاي وهو الجبل وقيل المضيق بين جبلين ونحوه والأول هو الصواب هنا ومعناه ما بين جبليها انتهى. قوله: (الا يهراق فيها دم( فيه دليل على تحريم اراقة الدماء بالمدينة لغير ضرورة : قوله: (الا لعلف( هو باسكان اللام مصدر علفت وأما العلف بفتح اللام وهو اسم للحشيش والتبن والشعير ونحوها وفيه جواز أخذ أوراق الشجر للعلف لاخبط الأغصان وقطعها فإنه حرام قوله: (عضاهها( العضاه بالقصر وكسر العين الهملة وتخفيف الضاد المعجمة كل شجر فيه شوك وحداتها عضاهة وعضهة: قوله: (وحماها كلها( فيه دليل على ان حكم حمى المدينة حكمها في تحريم صيده وشجرة وقد تقدم بيان مقدار الحمى انه من كل ناحية من نواحي المدينة بريد. 10 - وعن عامر بن سعد عن أبيه قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إني أحرم ما بين لا بتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها ). 11 - وعن عامر بن سعد (أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه فسلبه فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم معاذ اللّه أن أرد شيئا نفلنيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وأبى أن يرد عليهم ). رواهما أحمد ومسلم. 12 - وعن سليمان بن عبد اللّه قال (رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فسلبه ثيابه فجاء مواليه فقال إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم حرم هذا الحرم وقال من رأيتموه يصيد فيه شيئا فلكم سلبه فلا أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ولكن إن شئتم أعطيكم ثمنه أعطيتكم ). رواه أحمد وأبو داود وقال فيه (من أخذ أحدا يصيد فيه فليسلبه ثيابه ). - الحديث الأول تقدم الكلام عليه. والحديث الثالث أخرجه أيضا الحاكم وصححه وفي إسناده سليمان بن عبد اللّه المذكور قال أبو حاتم ليس بمشهور ولكن يعتبر بحديثه. قال الذهبي تابعي وثق وقد وهم البزار فقال لا يعلم روى هذا الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إلا سعد ولا عنه إلا عامر وهذا يرد عليه وقد أخرجه أيضا أبو داود من مولى لسعد عنه ووهم أيضا الحاكم فقال في حديث سعد أن الشيخين لم يخرجاه وهو في مسلم كما عرفت: قوله: (فسلبه( أي أخذ ما عليه من الثياب: قوله: (نفلنيه( أي أعطانيه قال في القاموس نفله النفل ونفله وأنفله أعطاله إياه وقال أيضا النفل محركة الغنيمة والهبة: قوله: (طعمة( بضم الطاء وكسرها ومعنى الطعمة الأكلة وأما الكسر فجهة الكسب وهيئته: قوله: (فليسلبه ثيابه( هذا ظاهر في أنها تؤخذ ثيابه جميعها. وقال الماوردي يبقى له ما يستر عورته وصححه النووي واختاره جماعة من أصحاب الشافعي. وبقصة سعد هذه احتج من قال أن من صاد من حرم المدينة أو قطع من شجرها أخذ سلبه وهو قول الشافعي في القديم. قال النووي وبهذا قال سعد بن أبي وقاص وجماعة من الصحابة انتهى. وقد حكى ابن قدامة عن أحمد في إحدى الروايتين القول به قال وروى ذلك عن ابن أبي ذئب وابن المنذر انتهى. وهذا يرد على القاضي عياض حيث قال ولم يقل به أحد بعد الصحابة إلا الشافعي في قوله: القديم (وقد اختلف) في السلب فقيل أنه لمن سلبه. وقيل لمساكين المدينة. وقيل لبيت المال وظاهر الأدلة أنه للسالب وأنه طعمة لكل من وجد فيه أحد يصيد أو يأخذ من شجره.
|